للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّاهِنِ بِدَلِيلِ أَنَّ الرَّاهِنَ لَوِ امْتَنَعَ مِنْ بَيْعِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَيْهِ وَإِذَا كَانَ بَيْعُهُ من حقه صرف في حقه.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ جَوَازُ بَيْعِهِ وَوُجُوبُ صَرْفِ ثَمَنِهِ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، فَسَوَاءٌ شَرَطَ الْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ أَمْ لَا، لِأَنَّ إِطْلَاقَ الْإِذْنِ يَقْتَضِيهِ فَكَانَ الشَّرْطُ تَأْكِيدًا مِنْهُ.

وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ اعْتُبِرَ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ، شَرْطَانِ مِنْهَا فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَشَرْطٌ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ.

فَأَمَّا الشَّرْطَانِ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ.

فَأَحَدُهُمَا: بَيْعُهُ بِثَمَنِ الْمِثْلِ مِنْ غَيْرِ نَقْصٍ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ.

وَالثَّانِي: بَيْعُهُ بِثَمَنٍ عَاجِلٍ غَيْرِ آجِلٍ وَأَنَّ بَيْعَهُ لِقَضَاءِ الدَّيْنِ، فَلَا مَعْنَى لِبَيْعِهِ بِالدَّيْنِ.

فَإِنْ بَاعَهُ بِنَقْصٍ فِي الثَّمَنِ لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ أَوْ بَاعَهُ بِثَمَنٍ آجِلٍ غَيْرِ عَاجِلٍ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا، إِلَّا أَنْ يَكُونَ بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ، فَيَصِحُّ لِأَنَّهُ حَقٌّ لَهُمَا.

وَأَمَّا الشَّرْطُ الثَّالِثُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ: فَهُوَ أَلَّا يُسَلِّمَ السِّلْعَةَ إِلَى الْمُشْتَرِي إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ. فَإِنْ سَلَّمَهَا إِلَيْهِ قَبْلَ قَبْضِ الثَّمَنِ كَانَ الْبَيْعُ مَاضِيًا وَكَانَ لِلثَّمَنِ ضَامِنًا.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي شَرْطٍ رَابِعٍ وَهُوَ إِطْلَاقُ بَيْعِهِ مِنْ غَيْرِ اشْتِرَاطِ خِيَارِ الثَّلَاثِ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ ثَالِثٌ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ، فَإِنْ بَاعَهُ بِخِيَارِ الثَّلَاثِ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا، لِأَنَّ الْخِيَارَ يَمْنَعُ مِنَ اسْتِقْرَارِ الْعَقْدِ وَتَمْلِيكُ الثَّمَنِ مُخَالِفٌ مُوجِبُ الْإِذْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي وَهُوَ أَصَحُّ: أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْعَقْدِ لِلْبَيْعِ جَائِزٌ، لِأَنَّ الْخِيَارَ زِيَادَةٌ يُمْكِنُ اسْتِدْرَاكُ الْفَائِتِ بِهَا.

فَإِذَا ثَبَتَ مَا ذَكَرْنَا مِنَ الشُّرُوطِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ فِي بَيْعِ الرَّاهِنِ إِذَا كَانَ الْحَقُّ حَالًّا. فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْحَقُّ مُؤَجَّلًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ مُعْتَبَرَةً فِي بَيْعِهِ وَكَيْفَمَا بَاعَهُ بِثَمَنٍ زَائِدٍ أَوْ نَاقِصٍ حَالٍّ أَوْ مُؤَجَّلٍ جَازَ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا:

أَنَّهُ قَبْلَ مَحَلِّ الْحَقِّ يَبِيعُ الرَّهْنَ فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَصَارَ كَبَيْعِهِ سَائِرَ أَمْلَاكِهِ الَّتِي لَا يُعْتَرَضُ عَلَيْهِ فِي زِيَادَةِ ثَمَنِهَا أَوْ نُقْصَانِهِ وَلَا فِي حُلُولِهِ أَوْ تَأْجِيلِهِ. وَبَعْدَ مَحَلِّ الْحَقِّ يَبِيعُ الرَّهْنَ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَهُوَ الْمُرْتَهِنُ فَصَارَ كَالْوَكِيلِ، فَاعْتُبِرَ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُعْتَبَرَةُ فِي الْوَكِيلِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا رَهَنَهُ عَبْدًا فِي حَقٍّ بَعْضُهُ حَالٌّ وَبَعْضُهُ مُؤَجَّلٌ، ثُمَّ أَذِنَ لَهُ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِهِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>