للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَبَاعَهُ الرَّاهِنُ فَلِلْمُرْتَهِنِ مِنْ ثَمَنِهِ مَا قَابَلَ حَقَّهُ الْحَالَّ وَلِلرَّاهِنِ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ.

فَإِنْ كَانَ الرَّاهِنُ بَاعَ الْعَبْدَ فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ اعْتُبِرَ فِي صِحَّةِ بَيْعِهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِأَنَّهُ عَقْدٌ وَاحِدٌ لَزِمَ اعْتِبَارُهَا فِي بَعْضِهِ فَغَلَبَ حُكْمُهَا فِي جَمِيعِهِ إِلَّا مَا أَمْكَنَ تَبْعِيضُهُ مِنْهَا.

فَإِنْ بَاعَهُ فِي عَقْدَيْنِ جَازَ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ فِي حَقَّيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لِلْمُرْتَهِنِ. وَهُوَ مَا قَابَلَ الْحَالَ. وَاعْتِبَارُ الشُّرُوطِ فِيهِ وَاجِبَةٌ.

وَالثَّانِي: لِلرَّاهِنِ. وَهُوَ مَا قَابَلَ الْمُؤَجَّلَ وَاعْتِبَارُ الشُّرُوطِ فِيهِ غَيْرُ وَاجِبَةٍ.

(فَصْلٌ)

فَلَوْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا فِي الْحَقِّ فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ هُوَ حَالٌّ فَالثَّمَنُ لِي قِصَاصًا مِنْ حَقِّي. وَقَالَ الرَّاهِنُ: هُوَ مُؤَجَّلٌ فَالثَّمَنُ لِي وَقَدْ بَطَلَ الرَّهْنُ بِبَيْعِي. فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ حُلُولَ حَقٍّ يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ، فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِإِنْكَارِهِ.

فَإِذَا حَلَفَ كَانَ أَوْلَى بِالثَّمَنِ وَلَا تُعْتَبَرُ فِي بَيْعِهِ الشُّرُوطُ الْمَاضِيَةُ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ.

وَإِنْ نَكَلَ فَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ كَانَ الْمُرْتَهِنُ أَحَقَّ بِالثَّمَنِ وَاعْتُبِرَ فِي بَيْعِهِ الشُّرُوطُ الْمَاضِيَةُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ بَائِعًا لَهُ فِي حَقِّ غَيْرِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ الصَّفْقَةَ فِي بَيْعِهِ لِأَنَّهُ مَبِيعٌ فِي حَقٍّ وَاحِدٍ.

(فَصْلٌ)

فَلَوْ رَهَنَهُ عَبْدَيْنِ أَحَدُهُمَا فِي حَقٍّ حَالٍّ، وَالْآخَرُ فِي مُؤَجَّلٍ وَأَذِنَ لَهُ فِي بَيْعِ أَحَدِهِمَا، ثُمَّ اخْتَلَفَا بَعْدَ الْبَيْعِ، فَقَالَ الْمُرْتَهِنُ: أَذِنْتُ لَكَ فِي بَيْعِ الْحَالِّ، وَقَالَ الرَّاهِنُ: أَذِنْتَ لِي فِي بَيْعِ الْمُؤَجَّلِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ فِي الْحَالِ أَنَّهُ سَالِمٌ وَعَلَى الْعَبْدِ الْمَرْهُونِ في الْمُؤَجَّلِ أَنَّهُ غَانِمٌ وَيَخْتَلِفَا، هَلْ أَذِنَ الْمُرْتَهِنُ فِي بَيْعِ سَالِمِ الْمَرْهُونِ فِي الْحَالِّ أَوْ فِي بَيْعِ غَانِمِ الْمَرْهُونِ فِي الْمُؤَجَّلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ يُنْكِرُ إِذْنًا يَدَّعِيهِ الرَّاهِنُ، وَيَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا، لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَصِيرُ بَائِعًا لِرَهْنٍ لَمْ يُؤْذَنْ فِيهِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ بَيْعَ سَالِمِ الْمَرْهُونِ فِي الْحَالِّ، لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ مُعْتَرِفٌ بِحُصُولِ الْإِذْنِ فِيهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ أَذِنَ فِي بَيْعِ سَالِمٍ دُونَ غَانِمٍ وَيَخْتَلِفَا هَلْ غَانِمٌ مَرْهُونٌ فِي الْحَالِّ أَوْ فِي الْمُؤَجَّلِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ اخْتِلَافٌ فِي أَصْلِ الْحَقِّ الَّذِي عَلَيْهِ، فَصَارَ مُنْكِرًا لِحُلُولِ حَقٍّ يَدَّعِيهِ الْمُرْتَهِنُ فَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِإِنْكَارِهِ. فَإِذَا حَلَفَ صَحَّ بَيْعُهُ، وَلَا تُعْتَبَرُ فِيهِ الشُّرُوطُ الْمُتَقَدِّمَةُ لِأَنَّهُ يَبِيعُهُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَبِيعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>