للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وإن رهنه المشتري لم يجز إلا أن يَكُونَ بِإِذْنِ الْبَائِعِ فَيَصِحُّ رَهْنُهُ، وَيَكُونُ إِذْنُ الْبَائِعِ اخْتِيَارًا لِإِمْضَاءِ الْبَيْعِ.

وَإِنَّمَا صَحَّ رَهْنُ الْبَائِعِ دُونَ الْمُشْتَرِي وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لَهُمَا لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ رَهْنَ الْبَائِعِ فَسْخٌ وَرَهْنَ الْمُشْتَرِي إِمْضَاءٌ.

فَلَوْ كَانَ لِلْبَائِعِ خِيَارُ يَوْمٍ وَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ يَوْمَيْنِ، فَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ جَازَ. وَإِنْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يَجُزْ.

وَإِنْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِيَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي جَازَ. وَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعَ لَمْ يَجُزْ.

وَأَمَّا الضَّرْبُ الثَّالِثُ وَهُوَ خِيَارُ الْعَيْبِ.

فَهُوَ مُسْتَحَقٌّ لِلْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ. فَإِنْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِيَ صَحَّ رَهْنُهُ، وَكَانَ رِضًا بِالْعَيْبِ، وَمَانِعًا مِنَ الرَّدِّ وَالرُّجُوعِ بِالْأَرْشِ.

وَإِنْ رَهَنَهُ الْبَائِعُ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ لَازِمٌ مِنْ جِهَتِهِ وَإِنْ ثَبَتَ فِيهِ خِيَارٌ لِغَيْرِهِ. فَلَوْ رُدَّ عَلَى الْبَائِعِ بِالْعَيْبِ بَعْدَ أَنْ رَهَنَهُ لَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ إِلَّا بِاسْتِئْنَافِ عَقْدٍ صَحِيحٍ كَمَا لَوْ رَهَنَهُ الْمُشْتَرِي فِي خِيَارِ الْبَائِعِ كَانَ رَهْنًا بَاطِلًا وَإِنْ تَمَّ مِلْكُهُ عَلَيْهِ.

فَلَوْ لَمْ يُعْلِمِ الْمُشْتَرِيَ بِالْعَيْبِ حَتَّى رَهَنَهُ ثُمَّ عَلِمَ بِهِ صَحَّ رَهْنُهُ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ رَدُّهُ مَا كَانَ بَاقِيًا. وَفِيمَا يَسْتَحِقُّهُ بِالْعَيْبِ وَجْهَانِ مَضَيَا فِي الْبُيُوعِ.

أَحَدُهُمَا: يَسْتَحِقُّ الْأَرْشَ فِي الْحَالِّ.

وَالثَّانِي: يَنْتَظِرُ مَا يَكُونُ مِنْ حَالِهِ فِي الرَّهْنِ فَإِنْ بِيعَ فِيهِ رَجَعَ بِالْأَرْشِ وَإِنْ فَكَّهُ مِنَ الرَّهْنِ رَدَّهُ بِالْعَيْبِ.

( [الْقَوْلُ فِي بيع ورهن العبد المرتد] )

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَيَجُوزُ رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

رَهْنُ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ جَائِزٌ وَبَيْعُهُ جَائِزٌ نَصَّ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ، وَعَلَى جَوَازِ رَهْنِهِ فِي كِتَابِ الرَّهْنِ: وَإِنَّمَا جَازَ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ لَيْسَ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ خَوْفِ هَلَاكِهِ إِنْ أَقَامَ عَلَيْهَا، وَرَجَاءَ سَلَامَتِهِ إِنْ تَابَ مِنْهَا، وَهَذَا غَيْرُ مَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الْبَيْعِ وَجَوَازِ الرَّهْنِ كَالْعَبْدِ الْمَرِيضِ الْمُدْنَفِ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَرَهْنُهُ وَإِنْ خِيفَ هَلَاكُهُ بِالْمَوْتِ وَرُجِيَتْ سَلَامَتُهُ بِالْبُرْءِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>