للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ الرَّاهِنُ مِنْهَا وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إِلَى الرَّاهِنِ، وَبِيعَ فِي الرَّهْنِ سَقَطَ أَرْشُ الْجِنَايَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهَا لَا تُرَدُّ عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ. فَعَلَى هَذَا هَلْ يَرْجِعُ الْمَجْنِيُّ عَلَيْهِ عَلَى الرَّاهِنِ فَيُغْرِمُهُ أَرْشَ الْجِنَايَةِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: يُلْزِمُهُ غُرْمَ أَرْشِهَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اعْتِبَارِهَا بِقِيمَةِ الْعَبْدِ لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ مُتْلَفًا عَلَى الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَلُزِمَ أَرْشَ الْجِنَايَةِ بِرَهْنِهِ وَنُكُولِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: لَا يُلْزِمُهُ غُرْمَ أَرْشِهَا وَتَكُونُ فِي رَقَبَةِ الْعَبْدِ. فَإِذَا عَادَ إِلَى الرَّاهِنِ بِيعَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ السَّيِّدُ فَإِنْ لَمْ يَعُدْ سَقَطَتْ مُطَالَبَتُهُ بِأَرْشِهَا فَهَذَا جُمْلَةُ التَّفْرِيعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ جَنَى وأنكر المرتهن.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ مَنْصُوصَيْنِ:

وَلَوْ أَقَرَّ الرَّاهِنُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ وَأَنْكَرَ الْمُرْتَهِنُ فَعَلَى قَوْلَيْنِ مُخَرَّجَيْنِ، فَتَصِيرُ الْمَسَائِلُ الثَّلَاثُ فِي الْإِقْرَارِ بِالْجِنَايَةِ وَالْغَصْبِ وَالْعِتْقِ عَلَى قَوْلَيْنِ عَلَى مَا مَضَى من التفريع عليهما.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا آجَرَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْمُؤْجِرُ بِجِنَايَتِهِ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُؤْجِرِ قَوْلًا وَاحِدًا، لِأَنَّ بَيْعَهُ فِي الْجِنَايَةِ لَا يُبْطِلُ الْإِجَارَةَ بِخِلَافِ الرَّهْنِ. فَلَمْ يَكُنْ لِإِنْكَارِ الْمُسْتَأْجِرِ تَأْثِيرٌ فِي عَقْدِهِ. وَكَذَلِكَ لَوِ ادَّعَى الْمُؤْجِرُ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ كَانَ قَوْلُهُ مَقْبُولًا وَالْإِجَارَةُ بِحَالِهَا وَهَلْ لِلْعَبْدِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى سَيِّدِهِ بِأُجْرَةِ الْمُدَّةِ الْبَاقِيَةِ مِنَ الْإِجَارَةِ بَعْدَ عِتْقِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ يَأْتِي مَوْضِعُ تَوْجِيهِهِمَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَلَكِنْ لَوْ أَقَرَّ الْمُؤْجِرُ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَأَنْكَرَ الْمُسْتَأْجِرُ كَانَ عَلَى قَوْلَيْنِ، لأن إقراره لوضع لأبطل الإجارة فصار كإقراره بجناية المرهون ويغصبه فَيَكُونُ عَلَى قَوْلَيْنِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا بَاعَهُ ثُمَّ أَقَرَّ الْبَائِعُ أَنَّهُ كَانَ قَدْ جَنَى أَوْ أَقَرَّ أَنَّهُ أَعْتَقَهُ أَوْ أَنَّهُ مَغْصُوبٌ وَأَنْكَرَ الْمُشْتَرِي فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ إِقْرَارُ الْبَائِعِ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُشْتَرِي وَكَذَلِكَ لَوْ كَاتَبَهُ ثُمَّ أَقَرَّ أَنَّهُ جَنَى أَوْ غَصَبَ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ حَيْثُ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ قَوْلًا وَاحِدًا وَبَيْنَ الرَّهْنِ حَيْثُ قُبِلَ إِقْرَارُهُ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

أَنَّ إِقْرَارَهُ بَعْدَ الْبَيْعِ وَالْكِتَابَةِ إِقْرَارٌ بَعْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مِلْكِهِ فَلَمْ يَنْفُذْ إِقْرَارُهُ فِي غَيْرِ مِلْكِهِ وَإِقْرَارُهُ بَعْدَ الرَّهْنِ إِقْرَارٌ فِي مِلْكِهِ. فَجَازَ أَنْ يَنْفُذَ فِي أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْمُزَنِيُّ فَإِنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْمُرْتَهِنِ، وَهَذَا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ وَاخْتَارَ أَنَّ عَلَى الرَّاهِنِ غَرَامَةَ الْأَرْشِ وَهَذَا أَيْضًا أَصَحُّ الْقَوْلَيْنِ إِلَّا أَنَّهُ اسْتَدَلَّ عَلَيْهِ بِشَيْئَيْنِ أَحَدُهُمَا ضَعِيفٌ وَالْآخَرُ غَيْرُ صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>