للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(فَصْلٌ)

فَإِذَا ثَبَتَ هَذَانِ الْقَوْلَانِ فِي التَّدْبِيرِ أَنَّهُ هَلْ يَجْرِي مَجْرَى الْوَصِيَّةِ أَوْ مَجْرَى الْعِتْقِ بِالصِّفَةِ فَرَهَنَ الرَّجُلُ مُدَبَّرَهُ فَفِي رَهْنِهِ ثلاثة أقوال:

أحدهما: أَنَّ رَهْنَهُ بَاطِلٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّهُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يُعْتَقَ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ بِمَوْتِ السَّيِّدِ فَتَبْطُلُ الْوَثِيقَةُ بِهِ فَلَمْ يَصِحَّ رَهْنُهُ. -

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّ رَهْنَهُ جَائِزٌ عَلَى الْقَوْلَيْنِ مَعًا سَوَاءٌ قِيلَ إِنَّهُ وَصِيَّةٌ أَوْ عِتْقٌ بِصِفَةٍ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَازَ أَنْ يَطْرَأَ عليه التدبير فَيَكُونُ الرَّهْنُ صَحِيحًا لِجَوَازِ بَيْعِهِ جَازَ أَنْ يَطْرَأَ الرَّهْنُ عَلَى التَّدْبِيرِ فَيَكُونُ الرَّهْنُ جَائِزًا لِجَوَازِ بَيْعِهِ وَلَيْسَ مَا يَطْرَأُ مِنْ جَوَازِ أَنْ يُعْتَقَ بِمَوْتِ السَّيِّدِ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ بِمَانِعٍ مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ كَمَا أَنَّ الْحَيَوَانَ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَمُوتَ قَبْلَ حُلُولِ الْحَقِّ وذلك بمانع مِنْ صِحَّةِ الرَّهْنِ.

وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ: أَنَّ رَهْنَهُ جَائِزٌ إِذَا قِيلَ إِنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ وَبَاطِلٌ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ عَتَقَ بِصِفَةٍ وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ لِأَنَّ الرَّهْنَ رُجُوعٌ عَنِ التَّدْبِيرِ مَعَ بَقَاءِ الْمِلْكِ وَالرُّجُوعُ عَنِ التَّدْبِيرِ مَعَ بَقَاءِ الملك ويجوز إِذَا قِيلَ إِنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ وَلَا يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ فَلِذَلِكَ جَازَ رَهْنُهُ إِذَا قِيلَ إِنَّ التَّدْبِيرَ وَصِيَّةٌ وَلَا يَجُوزُ إِذَا قِيلَ إِنَّهُ عِتْقٌ بِصِفَةٍ.

وَلِأَصْحَابِنَا فِي تَرْتِيبِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ طُرُقٌ مُضْطَرِبَةٌ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ أَصَحُّهَا.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْأَقَاوِيلِ فِي حُكْمِ رَهْنِهِ فَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ رَهْنَهُ بَاطِلٌ فَالتَّدْبِيرُ بِحَالِهِ بَاقٍ. وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ رَهْنَهُ صَحِيحٌ فَهَلْ يَبْطُلُ التَّدْبِيرَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ التَّدْبِيرَ قَدْ بَطَلَ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّالِثِ.

وَالثَّانِي: أَنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَبْطُلُ وَهَذَا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي.

فَإِذَا قُلْنَا إِنَّ التَّدْبِيرَ قَدْ بَطَلَ فَهُوَ رَهْنٌ يُبَاعُ فِيهِ وَإِنِ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ لَمْ يَعُدِ التَّدْبِيرُ وَإِنْ مَاتَ الرَّاهِنُ لَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ لِأَنَّ التَّدْبِيرَ إِذَا بَطَلَ ارْتَفَعَ حُكْمُهُ. وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ التَّدْبِيرَ لَا يَبْطُلُ، فَإِنِ افْتَكَّهُ الرَّاهِنُ بِأَدَاءِ الْحَقِّ خَرَجَ مِنَ الرَّهْنِ كَانَ مُدَبَّرًا بِعِتْقٍ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ لَمْ يَفْتَكَّهُ بِيعَ فِي الرَّهْنِ لِأَنَّ بَيْعَ الْمُدَبَّرِ جَائِزٌ عَلَى مَذْهَبِنَا فَإِذَا بِيعَ زَالَ عَنْهُ حُكْمُ التَّدْبِيرِ فَإِنْ مَلَكَهُ الرَّاهِنُ فِيمَا بَعْدُ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ مِيرَاثٍ فَهَلْ يَعُودُ إِلَى التَّدْبِيرِ أَمْ لَا. عَلَى قَوْلَيْنِ مَبْنِيَّيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي الْأيْمَانِ بِالصِّفَاتِ فِي الْعِتْقِ وَالطَّلَاقِ إِذَا وَقَعَتْ فِي عَقْدٍ هَلْ يَقَعُ الْحِنْثُ بِهَا فِي عَقْدٍ ثَانٍ أَمْ لَا.

فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَفْتَكَّهُ الرَّاهِنُ وَلَا بِيعَ فِي الرَّهْنِ حَتَّى مَاتَ الرَّاهِنُ، فَإِنْ خَلَّفَ وَفَاءً لِقَضَاءِ الْحَقِّ عَتَقَ الْمُدَبَّرُ إِذَا كَانَ خَارِجًا مِنَ الثُّلُثِ فَإِنْ لَمْ يُخْلِفْ وَفَاءً لِقَضَاءِ الْحَقِّ بِيعَ فِي الحق،

<<  <  ج: ص:  >  >>