للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الرَّاهِنُ حَالِفًا وَالْمُرْتَهِنُ حَالِفًا إِلَّا أَنَّ يَمِينَ الرَّاهِنِ عَلَى خُرُوجِ النَّخْلِ مِنَ الرَّهْنِ وَيَمِينُ الْمُرْتَهِنِ لِفَسْخِ الْبَيْعِ.

فَلَوْ حَلَفَ الرَّاهِنُ فَخَرَجَتِ النَّخْلُ بِيَمِينِهِ مِنَ الرَّهْنِ وَنَكَلَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ خِيَارٌ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ.

وَلَوْ نَكَلَ الرَّاهِنُ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ حَلَفَ كَانَتِ النَّخْلُ دَاخِلَةً فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا ادَّعَى وَلَا خِيَارَ لَهُ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ وَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ أَيْضًا فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النَّخْلَ دَاخِلَةٌ فِي الرَّهْنِ عَلَى مَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ لِتَصَادُقِهِمَا بِأَنَّ الرَّهْنَ قَدْ كَانَ عَلَى جَمِيعِ النَّخْلِ الَّذِي كَانَ في الأرض وهذا نَخْلٍِ فِي الْأَرْضِ فَلَمَّا لَمْ يُخْرِجْهُ الرَّاهِنُ بِيَمِينِهِ دَخَلَ فِي الرَّهْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ النَّخْلَ خَارِجٌ مِنَ الرَّهْنِ عَلَى مَا ادَّعَى الرَّاهِنُ؛ لِأَنَّ دَعْوَى الْمُرْتَهِنِ قَدْ سَقَطَ بِنُكُولِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُحْكَمَ بِقَوْلِهِ. فَعَلَى هَذَا تَكُونُ النَّخْلُ خَارِجَةً مِنَ الرَّهْنِ، وَلَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ لِأَنَّهُ نَاكِلٌ.

فَأَمَّا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَمَسْأَلَتِنَا ثُمَّ كَالْمَسْأَلَةِ قَبْلَهَا: يَعْنِي فِي بَيْعِ الْأَرْضِ دُونَ النَّخْلِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ غُرَمَاءَ فَيُبَاعَانِ مَعًا.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا اتَّفَقَا عَلَى أَنَّ النَّخْلَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ عَقْدِ الرَّهْنِ ثُمَّ اخْتَلَفَا: هَلْ رَهَنَهُ الْأَرْضَ مَعَ النَّخْلِ أَوْ رَهَنَهُ الْأَرْضَ دُونَ النَّخْلِ؟ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ أَيْضًا عَلَى مَا مَضَى. فَإِذَا حَلَفَ خَرَجَتِ النَّخْلُ مِنَ الرَّهْنِ وَحَلَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ ثُمَّ فُسِخَ الْبَيْعُ فَإِنْ نَكَلَ الرَّاهِنُ رُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى الْمُرْتَهِنِ فَإِنْ حَلَفَ دَخَلَتِ النَّخْلُ فِي الرَّهْنِ، وَإِنْ نَكَلَ الْمُرْتَهِنُ فَالنَّخْلُ خَارِجَةٌ مِنَ الرَّهْنِ وَجْهًا وَاحِدًا لَا يَخْتَلِفُ فِيهِ أصحابنا لأنه ليس سَبَبٌ يَغْلِبُ بِهِ دُخُولُ النَّخْلِ فِي الرَّهْنِ بخلاف ما مضى.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ شَرَطَ لِلْمُرْتَهِنِ إِذَا حَلَّ الْحَقُّ أَنْ يَبِيعَهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَبِيعَ لِنَفْسِهِ إِلَّا بِأَنْ يَحْضُرَهُ رَبُّ الرَّهْنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ.

إِذَا اشْتَرَطَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَبِيعَ الرَّهْنَ عِنْدَ حُلُولِ الْحَقِّ بِغَيْرِ حُضُورِ الرَّاهِنِ لَمْ يَجُزْ، وَكَانَ شَرْطًا بَاطِلًا وَوِكَالَةً فَاسِدَةً.

وَقَالَ أبو حنيفة: يَجُوزُ تَوْكِيلُ الْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ كُلَّ مَنْ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي بَيْعِ غَيْرِ الرَّهْنِ جَازَ أَنْ يَكُونَ وَكِيلًا فِي بَيْعِ الرهن كالأجنبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>