للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا إِذَا بَاعَ الرَّاهِنُ الرَّهْنَ بِإِذْنِ الْحَاكِمِ. فَأَمَّا إِنْ بَاعَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْحَاكِمِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى اسْتِئْذَانِهِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ لِوُقُوعِ الْحَجْرِ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى اسْتِئْذَانِهِ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَجْهَانِ مُخَرَّجَانِ عَلَى وَجْهَيْنِ نَذْكُرُهُمَا فِي الْفَصْلِ الَّذِي بَعْدَهُ.

(فَصْلٌ)

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: أَنْ يَدْعُوَ الْمُرْتَهِنُ إِلَى بَيْعِهِ وَيَمْتَنِعَ الرَّاهِنُ وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ. فَيَنْبَغِي لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَأْتِيَ الْحَاكِمَ لِيُوَكِّلَ عَنِ الرَّاهِنِ وَكِيلًا فِي بَيْعِ الرَّهْنِ بَعْدَ أَنْ يَحْضُرَ الرَّاهِنُ فَيَسْأَلُهُ عَنْ سَبَبِ امْتِنَاعِهِ. فَإِنْ ذَكَرَ عُذْرًا يَسُوغُ مِثْلُهُ فِي امْتِنَاعِهِ لَمْ يُوَكَّلْ عَنْهُ فِي بَيْعِهِ. وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ عُذْرًا وَكَّلَ الْحَاكِمُ عَنْهُ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ عَلَيْهِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: لَا يَجُوزُ لِلْحَاكِمِ أَنْ يُوَكِّلَ عَنْهُ مَنْ يَبِيعُ عَلَيْهِ بَلْ يَحْبِسُهُ حَتَّى يَبِيعَ الرَّاهِنُ بِنَفْسِهِ.

وَهَذَا غَلَطٌ، لِأَنَّ كُلَّ حَقٍّ يَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ لَا يَجُوزُ أَنْ يَحْبِسَ فِيهِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْهُ مَا أَمْكَنَ التَّوَصُّلُ إِلَيْهِ كَالدُّيُونِ. وَكُلُّ مَا لَا يَصِحُّ فِيهِ التَّوْكِيلُ فَإِنَّ الْحَاكِمَ يَحْبِسُ فِيهِ مَنِ امْتَنَعَ مِنْهُ وَلَا يُوَكِّلُ عَنْهُ كَمَنْ أَسْلَمَ عَنْ أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ فَلَمْ يَخْتَرْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا.

فَلَمَّا كَانَ التَّوْكِيلُ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ جَائِزًا، وَجَبَ إِذَا امْتَنَعَ مِنْهُ الرَّاهِنُ أَنْ يَتَوَلَّى بَيْعَهُ الْحَاكِمُ. إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَمِينٍ يُوَكِّلُهُ عَنِ الرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ. وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ الْحَاكِمُ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ وإن جاز أن يأذن للراهن عنه امْتِنَاعَ الْمُرْتَهِنِ مِنْ بَيْعِهِ.

وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ لِأَنَّ الْحَاكِمَ يَقُومُ فِي ذَلِكَ مَقَامَ الرَّاهِنِ. فَلَمَّا لَمْ يَجُزْ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي بَيْعِهِ وَكَانَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَأْذَنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ يَجُوزُ أَنْ يَأْذَنَ لِلرَّاهِنِ فِي بَيْعِهِ.

فَإِذَا وَكَّلَ الْحَاكِمُ عَنِ الرَّاهِنِ مَنْ يَبِيعُ عَلَيْهِ الرَّهْنَ فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يحيط بِقِيمَةِ الرَّهْنِ بِيعَ جَمِيعُهُ وَسُلِّمَ ثَمَنُهُ إِلَى الْمُرْتَهِنِ. وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ يُقَابِلُ بَعْضَ قِيمَةِ الرَّهْنِ بِيعَ مِنَ الْأَرْضِ بِقَدْرِ الْحَقِّ وَكَانَ الْبَاقِي مِنْهُ غَيْرَ مَبِيعٍ عَلَى مِلْكِ الرَّاهِنِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ مَا قَابَلَ الْحَقَّ إِلَّا بِبَيْعِ جَمِيعِهِ وَدُفِعَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ قَدْرُ حَقِّهِ وَدُفِعَ الْبَاقِي إِلَى الرَّاهِنِ.

فَإِنْ بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الرَّهْنَ مِنْ غَيْرِ إِتْيَانِ الْحَاكِمِ فَإِنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِتْيَانِ الْحَاكِمِ كَانَ بَيْعُهُ بَاطِلًا، وَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إِتْيَانِهِ فَفِي جَوَازِ بَيْعِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَمِنْهَا تَخْرِيجُ الْوَجْهَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ بَيْعَهُ جَائِزٌ.

وَالثَّانِي: أَنَّ بَيْعَهُ بَاطِلٌ وَهَذَانِ الْوَجْهَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى اخْتِلَافِ وَجْهَيْ أَصْحَابِنَا فِيمَنْ لَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>