للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ شُرُوطٍ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَسُقُوطِ الضَّمَانِ.

وَالرَّابِعُ: أَلَّا يُسَلِّمَ الْمَبِيعَ إِلَّا بَعْدَ قَبْضِ الثَّمَنِ. وَهَذَا شَرْطٌ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ وَلَيْسَ بِشَرْطٍ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ.

وَالْخَامِسُ: أَنْ يَكُونَ الْبَيْعُ نَاجِزًا فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ خِيَارُ الثَّلَاثِ ٠ وَفِي هَذَا الشَّرْطِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَسُقُوطِ الضَّمَانِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ اسْتِحْبَابٌ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي الْبَيْعِ وَلَا فِي الضَّمَانِ.

فَهَذِهِ خَمْسَةُ شُرُوطٍ تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إِلَّا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ تَخْتَصُّ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ مِنْهَا وَهُوَ الْغَبْنُ فِي الثَّمَنِ وَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حُكْمِ مَا يُضَاهِيهِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا بَاعَ الْعَدْلُ الرَّهْنَ بِثَمَنٍ غُبِنَ فِيهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ بِمَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، مِثْلَ أَنْ يَكُونَ ثمن الرهن مائة درهم وغبنه مِثْلِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ وَقَدْ بَاعَ الْعَدْلُ بِتِسْعِينَ دِرْهَمًا. فَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْعَدْلِ، لِأَنَّ الْبَيْعَ مَوْضُوعٌ عَلَى الْمُغَابَنَةِ وَالْمُكَاسَبَةِ وَالِاحْتِرَازُ مِمَّا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ غَبِينَةِ الْمِثْلِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَكَانَ ذَلِكَ مَعْفُوًّا عَنْهُ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ مِمَّا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ، مِثْلَ أَنْ يُسَاوِيَ مِائَةً وَغَبِينَةُ مِثْلِهِ عَشَرَةُ دَرَاهِمَ، وَقَدْ بَاعَهُ بِخَمْسِينَ دِرْهَمًا فَالْبَيْعُ بَاطِلٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى غَيْرِ الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ وَيُمْنَعُ الْعَدْلُ مِنْ تَسْلِيمِ الرَّهْنِ إِلَى الْمُشْتَرِي، فَإِنْ سَلَّمَهُ إِلَى الْمُشْتَرِي صَارَ الْعَدْلُ بِالتَّسْلِيمِ ضَامِنًا لَا بِالْعَقْدِ وَعَلَيْهِ اسْتِرْجَاعُهُ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي. فَإِنْ فَاتَ اسْتِرْجَاعُهُ فَقَدِ اسْتَتَرَ الضَّمَانُ فِي ذِمَّةِ الْعَدْلِ، وَفِي قَدْرِ مَا يضمنه قولان:

أحدهما: أنه يضمن القدر الذين لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ وَذَلِكَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، لِأَنَّ الضَّمَانَ إِنَّمَا يَجِبُ فِيمَا حَصَلَ فِيهِ التَّفْرِيطُ، وَالتَّفْرِيطُ إِنَّمَا كَانَ فِي قَدْرِ مَا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهِ. فَأَمَّا الْعَشَرَةُ الَّتِي يَتَغَابَنُ النَّاسُ بِمِثْلِهَا فَلَمْ يُفَرِّطْ فِيهَا فَلَمْ يَلْزَمْ ضَمَانُهَا. أَمَّا الْخَمْسُونَ فَهُوَ غَيْرُ مُفَرِّطٍ فِيهَا فَلَمْ يَلْزَمْهُ ضَمَانُهَا.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي وَهُوَ الصَّحِيحُ: أَنَّهُ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْقِيمَةِ وَذَلِكَ مِائَةُ دِرْهَمٍ، لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ فَاسِدًا، فَلَمْ يَجُزْ تَسْلِيمُ السِّلْعَةِ بِهِ وَمَنْ سَلَّمَ سِلْعَةً إِلَى غَيْرِ مُسْتَحِقِّهَا كَانَ ضَامِنًا لِجَمِيعِ قِيمَتِهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>