للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والقسم الثالث: أن يكون القباض لَهَا هُوَ الْمُرْتَهِنُ دُونَ الرَّاهِنِ فَيَكُونُ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَى الْعَدْلِ إِنْ شَاءَ، وَعَلَى الْمُشْتَرِي إِنْ شَاءَ لِأَنَّ الرَّاهِنَ يَرْجِعُ بِحَقِّ الْمِلْكِ وَالْمُرْتَهِنَ يَرْجِعُ بِحَقِّ الرَّهْنِ. وَالْعَدْلَ ضَامِنٌ لِحَقِّ الْمِلْكِ وَحَقِّ الرَّهْنِ، وَالْمُشْتَرِيَ ضَامِنٌ لِحَقِّ الْمِلْكِ، فَلِذَلِكَ كَانَ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ قَدْ صَارَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَامِنًا بِحَقِّ الْمِلْكِ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ إِلَّا عَلَى الْعَدْلِ دُونَ الْمُشْتَرِي لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِحَقِّ الرهن، والعدل ضامن لحق الرهن دون المشتري.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ لِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنَ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي نُظِرَ فِي الْمُرْتَهِنِ الْقَابِضِ أَوَّلًا فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ ذَلِكَ مِنَ الْمُشْتَرِي فَلِلْمُشْتَرِي أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمُرْتَهِنِ عَلَى الْمُشْتَرِي. فَإِنْ كَانَ قَدْ قَبَضَ مِنَ الْعَدْلِ لَمْ يَكُنْ لِلْعَدْلِ أَنْ يَرْجِعَ بِهَا عَلَيْهِ لِأَنَّ الْعَدْلَ لَوْ كَانَ قَدْ دَفَعَ إِلَى الرَّاهِنِ فِي الِابْتِدَاءِ لَمْ يَبْرَأْ مِنْ حَقِّ الْمُرْتَهِنِ، وَكَانَ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَيْهِ. وَيَصِيرَ الْعَدْلُ مُتَطَوِّعًا بِقَضَاءِ دَيْنِ الْمُرْتَهِنِ.

فَهَذَا الْكَلَامُ فِي إِخْلَالِهِ بِالشَّرْطِ الْأَوَّلِ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا إِخْلَالُهُ بِالشَّرْطِ الثَّانِي، وَهُوَ بَيْعُهُ بِغَالِبِ نَقْدِ الْبَلَدِ، فَإِذَا بَاعَهُ بِغَيْرِ الْغَالِبِ مِنْ نَقْدِ الْبَلَدِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْذَنَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ بِهِ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ فَإِنْ فَاتَ رَدُّهُ كَانَ الْعَدْلُ ضَامِنًا لِجَمِيعِ الْقِيمَةِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مَا مَضَى مِنَ الْغَبِينَةِ فِي ثَمَنِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

وَإِنَّمَا كَانَ هَهُنَا ضَامِنًا لِجَمِيعِ قِيمَتِهِ لأنه ليس جزء منه متميزا عن الضمان وسببه، وَالْغَبِينَةُ هُنَاكَ مُتَمَيِّزَةٌ مُقَدَّرَةٌ فَجَازَ أَنْ يَخْتَصَّ الضَّمَانُ بِهَا عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ.

فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّهُ ضَامِنٌ لِجَمِيعِ الْقِيمَةِ فَهُوَ عَلَى مَا مَضَى مِنْ مُطَالَبَةِ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي وَمَا يَتَفَرَّعُ عَلَى ذَلِكَ.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا إِخْلَالُهُ بِالشَّرْطِ الثَّالِثِ وَهُوَ حُلُولُ الثَّمَنِ بِبَيْعِهِ بِثَمَنٍ مُؤَجَّلٍ فَبَيْعُهُ بَاطِلٌ فَإِنْ فَاتَ رَدُّهُ كَانَ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ دُونَ ثَمَنِهِ سَوَاءٌ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنَ الثَّمَنِ أَوْ أَقَلَّ لِأَنَّ بُطْلَانَ الْبَيْعِ يُبْطِلُ حُكْمَ الثَّمَنِ، وَيُوجِبُ اعْتِبَارَ الْقِيمَةِ وَيَكُونُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي ضَامِنًا لِجَمِيعِ قِيمَتِهِ، وَلِلرَّاهِنِ الْخِيَارُ فِي مُطَالَبَةِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَلَا يَبْرَأُ الْمُشْتَرِي بِدَفْعِ الْقِيمَةِ إِلَى الْعَدْلِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا إِخْلَالُهُ بِالشَّرْطِ الرَّابِعِ وَهُوَ الِامْتِنَاعُ مِنْ تَسْلِيمِهِ قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ فَيُسَلِّمُهُ إِلَى الْمُشْتَرِي قَبْلَ قَبْضِ ثَمَنِهِ، فَإِنَّهُ مَضْمُونٌ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْعَدْلِ وَالْمُشْتَرِي بِالثَّمَنِ الْمُسَمَّى دُونَ الْقِيمَةِ لِصِحَّةِ الْعَقْدِ وَلُزُومِ الثَّمَنِ فِيهِ وَلِلرَّاهِنِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِالثَّمَنِ. فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>