للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهَا: أَنْ يَأْذَنَا لَهُمَا بِذَلِكَ، فَيَجُوزُ لِلْعَدْلَيْنِ فِعْلُهُ لِصَرِيحِ الْإِذْنِ بِهِ.

وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَنْ يَنْهَيَاهُمَا عَنْ ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ لِلْعَدْلَيْنِ فِعْلُهُ لِصَرِيحِ النَّهْيِ عَنْهُ، فَإِنْ فَعَلَا ذَلِكَ نُظِرَ، فَإِنِ اقْتَسَمَاهُ فَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا ضَمَانُ نِصْفِهِ وَهُوَ الْقَدْرُ الَّذِي خَرَجَ مِنْ يَدِهِ إِلَى يَدِ صَاحِبِهِ وَإِنْ لَمْ يَقْتَسِمَاهُ وَلَكِنِ اتَّفَقَا عَلَى إِقْرَارِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَعَلَى الْمُخْرِجِ لَهُ مِنْ يَدِهِ ضَمَانُ جَمِيعِهِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ ضَمَانٌ.

وَالْحَالَةُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يُطْلِقَ الرَّاهِنُ وَالْمُرْتَهِنُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِإِذْنٍ وَلَا نَهْيٍ فَفِي جَوَازِ ذلك قولان: حكاهما ابن سريج:

أحدهما: لَا يَجُوزُ لِأَنَّ الرَّاهِنَ وَالْمُرْتَهِنَ لَمْ يَرْضَيَا بِأَمَانَةِ أَحَدِهِمَا فَإِنْ فَعَلَا لَزِمَ الضَّمَانُ عَلَى مَا وَصَفْنَاهُ، وَالْقَوْلُ الثَّانِي يَجُوزُ لِمَا فِيهِ مِنَ الرِّفْقِ بِهِمَا فَعَلَى هَذَا إِنْ كَانَ الرَّهْنُ مِمَّا لَا يُقْسَمُ جَازَ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى كَوْنِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْآخَرِ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا يُقَسَّمُ جَازَ أَنْ يُقَسِّمَاهُ لِيَكُونَ فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُهُ وَلَا ضَمَانَ عَلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا.

فإن لم يقتسماه وَاتَّفَقَا عَلَى كَوْنِهِ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَفِي وُجُوبِ الضَّمَانِ عَلَى الْمُخْرِجِ لَهُ مِنْ يَدِهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ:

أَحَدُهُمَا: لَا ضَمَانَ عليه.

والثاني: عليه ضمان نصفه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ جَنَى الْمَرْهُونُ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَهُ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا فَلَا دَيْنَ لَهُ عَلَى عَبْدِهِ وَهُوَ رَهْنٌ بِحَالِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَصُورَتُهَا فِي عَبْدٍ مَرْهُونٍ جَنَى عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يَخْلُو حَالُ جِنَايَتِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ فِي طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ، فَإِنْ كَانَتِ الْجِنَايَةُ عَلَى طَرَفٍ مِنْ أَطْرَافِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ تَكُونَ خَطَأً فَهِيَ هَدَرٌ وَلَا قَوَدَ فِيهِمَا وَلَا أَرْشَ لِأَنَّ الْقَوَدَ لَا يَجِبُ فِي الْخَطَأِ وَالْأَرْشَ لَا يَجِبُ لِلسَّيِّدِ لِأَنَّ مِلْكَهُ لِمَحَلِّ الْأَرْشِ سابقا.

والضرب الثاني: أن يكون عمدا توجب القود فَلِلسَّيِّدِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْهُ لِأَنَّ الْقِصَاصَ مَوْضُوعٌ لِلرَّدْعِ وَحِرَاسَةِ النُّفُوسِ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] فَاسْتَوَى حُكْمُ السَّيِّدِ وَغَيْرُهُ فِي الْقِصَاصِ فَإِنْ عَفَا السَّيِّدُ عَنِ الْقِصَاصِ إِلَى الْأَرْشِ صَارَتْ

<<  <  ج: ص:  >  >>