للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَبْدَيْكَ سَالِمًا وَغَانِمًا فِي الْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْكَ، وَيَقُولُ الرَّاهِنُ رَهَنْتُكَ عَبْدِي سَالِمًا وَحْدَهُ فِي الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، وَيَكُونُ سَالِمٌ وَحْدَهُ رَهْنًا فِي الْأَلْفِ.

وَقَالَ مَالِكٌ: إِنْ كَانَتْ قِيمَةُ سَالِمٍ وَحْدَهُ أَلْفًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ سَالِمٍ وَغَانِمٍ مَعًا أَلْفًا، فَالْقَوْلُ قول المرتهن ويكون سالم غانم رَهْنًا وَقَدْ مَضَتِ الدَّلَالَةُ عَلَيْهِ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: بِعْتُكَ دَارِي بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ تَرْهَنَنِي سَالِمًا وَغَانِمًا، وَيَقُولُ الرَّاهِنُ: ابْتَعْتُ دَارَكَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ أُرْهِنَكَ سَالِمًا دُونَ غانم، فإنهما يتحالفان ثم يكون البائع في البيع بالخيار بين إمضائه برهن سالم وحده وبين فسخه.

(فَصْلٌ)

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي صفة الرهن وعينه، فعلى ضربين أيضا: أحدهما: أن يكون بَعْدَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: رهنتني عبدك سالما فِي الْأَلْفِ الَّتِي لِي عَلَيْكَ، وَيَقُولُ الرَّاهِنُ: رهنتك عبدي غانما فِي الْأَلْفِ الَّتِي لَكَ عَلَيَّ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ مَعَ يَمِينِهِ، بِاللَّهِ مَا رَهَنَهُ سَالِمًا، فإذا حلف خرج سالم بيمين الراهن، ولم يكن غانم في الرهن لإنكار المرتهن.

والضرب الثاني: أن يكون قَبْلَ اسْتِقْرَارِ الْحَقِّ، وَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الْمُرْتَهِنُ: بعتك داري بألف على أن ترهنني عبدك سالما، وَيَقُولُ الرَّاهِنُ: ابْتَعْتُ دَارَكَ بِأَلْفٍ عَلَى أَنْ أرهنك عبدي غانما، فَإِنَّهُمَا يَتَحَالَفَانِ فإذا حلفا لم يكن سالم ولا غانم رهنا، والمرتهن بِالْخِيَارِ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ بِلَا رَهْنٍ وَبَيْنَ فَسْخِهِ، فهذا حكم اختلافهما في الرهن، فإن اختلفا في الحق والرهن معا، كان اختلافهما في الحق على ما وصفنا وفي الرهن على ما بينا، وهذه مقدمة أوضحنا بها شرح المذهب، لنبني عليها كلام المزني واختلاف أصحابنا في تأويله.

(فَصْلٌ)

قَالَ الْمُزَنِيُّ: وَجُمْلَةُ قَوْلِهِ فِي اخْتِلَافِ الرَّاهِنِ وَالْمُرْتَهِنِ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي الْحَقِّ وَالْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ، أَمَّا قَوْلُهُ إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ فِي الْحَقِّ فَصَحِيحٌ مُطَّرِدٌ، لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوْ قَالَ الْحَقُّ أَلْفٌ وَقَالَ الرَّاهِنُ الْحَقُّ خَمْسُمِائَةٍ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ فِي الْحَقِّ أَنَّهُ خَمْسُمِائَةٍ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ: إِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُرْتَهِنِ فِي الرَّهْنِ، فَلَا يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى ظَاهِرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ لَوِ ادَّعَى فِي الْحَقِّ رَهْنًا، وَأَنْكَرَهُ الرَّاهِنُ، كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ، وَلَكِنِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي تَأْوِيلِ مُرَادِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: أَنَّ مُرَادَهُ بِهِ إِذَا اخْتَلَفَا فِي الرَّهْنِ بَعْدَ تَلَفِهِ. فَقَالَ الرَّاهِنُ: تَلِفَ الرَّهْنُ بِتَعَدِّيكَ

<<  <  ج: ص:  >  >>