للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[(باب انتفاع الراهن بما يرهنه)]

" قال حدثنا إبراهيم بن محمد قال أخبرني المزني قال (قال الشافعي) وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - أنه قال " الرهن مركوب ومحلوب " (قال) ومعنى هذا القول أَنَّ مَنْ رَهَنَ ذَاتَ دَرٍّ وَظَهْرٍ لَمْ يمنع الراهن من ظهرها ودرها وأصل المعرفة بهذا الباب أن للمرتهن حقا في رقبة الرهن دون غيره وما يحدث مما يتميز منه غيره ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ نَمَاءُ الرَّهْنِ وَمَنَافِعُهُ مِنْ ثَمَرَةٍ وَنِتَاجٍ وَدَرٍّ وَرُكُوبٍ وَسُكْنَى، مِلْكٌ لِلرَّاهِنِ دُونَ الْمُرْتَهِنِ، سَوَاءٌ أَنْفَقَ عَلَى الرَّهْنِ أَمْ لَا.

وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ وأبي حنيفة.

وَقَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ: جَمِيعُ نَمَاءِ الرَّهْنِ وَسَائِرُ مَنَافِعِهِ مِلْكُ الْمُرْتَهِنِ دُونَ الرَّاهِنِ سَوَاءٌ كَانَ هُوَ الْمُنْفِقُ عَلَى الرَّهْنِ أَمْ لا.

وقال أبو ثور: إذا كان الراهن هو الذي ينفق على الرهن، فالنماء والمنافع له.

وإذا كان المرتهن هُوَ الْمُنْفِقُ عَلَى الرَّهْنِ، فَالنَّمَاءُ وَالْمَنَافِعُ لَهُ.

فَأَمَّا أَحْمَدُ فَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " الرَّهْنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ " وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ عَلَّقَ عَلَى الرَّهْنِ هَذَا الْحُكْمَ، لَمَّا حَدَثَ عَقْدُ الرهن، فلم يجز أن يكون الحلب وَالرُّكُوبُ مُضَافًا إِلَى الرَّاهِنِ، لِأَنَّ لَهُ ذَلِكَ قَبْلَ الرَّهْنِ، فَعَلِمَ أَنَّهُ أَضَافَ ذَلِكَ إِلَى الْمُرْتَهِنِ، لِيَصِيرَ حُكْمُهُ مُسْتَفَادًا بِالرَّهْنِ، وَلِأَنَّ الرَّهْنَ كَالْبَيْعِ فِي أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا عَقْدٌ عَلَى مِلْكٍ فِي مُقَابَلَةِ عِوَضٍ، ثُمَّ لَمَّا كَانَ عَقْدُ الْبَيْعِ يَجْعَلُ نَمَاءَ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْمُشْتَرِي، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَقْدُ الرَّهْنِ يَجْعَلُ نَمَاءَ الْمَبِيعِ مِلْكًا لِلْمُرْتَهِنِ.

وَأَمَّا أَبُو ثَوْرٍ فَاسْتَدَلَّ بِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ " الرَّهْنُ يُرْكَبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>