للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّالِثُ: يَكُونُ رَهْنًا بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ، ويغرم للراهن قِيمَتُهُ تَكُونُ رَهْنًا بِيَدِ الْآخَرِ، وَهَذَا حُكْمُ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ فِي كَوْنِ الْعَبْدِ بِيَدِ الرَّاهِنِ، وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ بِيَدِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ، وَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِالتَّقَدُّمِ لِمَنْ هُوَ في يده، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ وَهَلْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ ثُمَّ عَلَى مَا مَضَى.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ أَقَرَّ بِالتَّقَدُّمِ وَالسَّبْقِ لِمَنْ لَيْسَ الْعَبْدُ بِيَدِهِ، فَفِيهِ قَوْلَانِ مَنْصُوصَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ صَاحِبِ الْيَدِ دُونَ المرتهن، ووجهه أن فِي الْيَدِ يُنَافِي التَّدَاعِي، أَلَا تَرَى لَوْ تداعيا عبد بعبد مَبِيعًا لَا رَهْنًا وَكَانَ الْعَبْدُ فِي يَدِ أَحَدِهِمَا فَصَدَّقَهُمَا عَلَى الْبَيْعِ وَأَقَرَّ بِالتَّقَدُّمِ وَالسَّبْقِ لِغَيْرِ صَاحِبِ الْيَدِ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ، وَكَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ صَاحِبِ الْيَدِ كَذَلِكَ فِي الرَّهْنِ، فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ مَعَ يَمِينِهِ، فَإِنْ حَلَفَ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِيَدِهِ، وَإِنْ نَكَلَ كَانَ الْعَبْدُ رَهْنًا بِيَدِ الْمُقَرِّ لَهُ بِالتَّقَدُّمِ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُرَدَّ عَلَيْهِ الْيَمِينُ؛ لِأَنَّ ارْتِهَانَهُ مِنْ صَاحِبِ الْيَدِ قَدْ بَطَلَ بنكوله ومع هذا الإقرار لم يحتج إلى يمين.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: وَهُوَ الصَّحِيحُ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنِ دُونَ صَاحِبِ الْيَدِ، وَوَجْهُهُ أَنَّ الْيَدَ فِي الرَّهْنِ لَيْسَتْ بَيَانًا لِصِحَّةِ الدَّعْوَى أَلَا ترى لو أنكر الرهن وكان فِي يَدِهِ لَمْ تَكُنْ يَدُهُ دَلِيلًا عَلَى صحة دعواه، وكذلك إِذَا اعْتَرَفَ أَنَّ رَهْنَهُ بَعْدَ الْأَوَّلِ رَهْنًا فَاسِدًا، كَمَا لَوْ أَنْكَرَهُ وَلَمْ تَكُنْ يَدُهُ دَلِيلًا عَلَى صِحَّةِ دَعْوَاهُ، وَيُفَارِقُ الْبَيْعَ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْبَيْعَ يَنْقُلُ الْمِلْكَ، وَالْيَدَ تَدُلُّ عَلَى الْمِلْكِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ الرَّهْنُ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الْبَيْعَ قَدْ أَزَالَ مِلْكَ الْبَائِعِ فَصَارَ مُقَرًّا فِي غَيْرِ مَالِهِ فَلَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ، وَالرَّهْنُ لَمْ يُزِلْ مِلْكَ الراهن وكان مُقَرًّا فِي مِلْكِهِ، وَكَانَ إِقْرَارُهُ نَافِذًا عَلَى صَاحِبِ الْيَدِ، فَعَلَى هَذَا الْقَوْلُ قَوْلُ الرَّاهِنِ وَهَلْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ أَمْ لَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ ثُمَّ عَلَى مَا مَضَى حَلِفِهِ وَنُكُولِهِ، وَهَذَا حُكْمُ الْقِسْمِ الثَّانِي فِي كَوْنِ الْعَبْدِ فِي يَدِ أَحَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ.

وَأَمَّا الْقِسْمُ الثَّالِثُ: وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْعَبْدُ فِي يَدِ الْمُرْتَهِنَيْنِ جَمِيعًا. فَمَنْصُوصُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الرَّاهِنَيْنِ فِي جَمِيعِ الْعَبْدِ وَيَكُونُ الْعَبْدُ كُلُّهُ رَهْنًا فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَهَلْ عَلَى الرَّاهِنِ الْيَمِينُ أَمْ لَا؟ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْقَوْلَيْنِ، وَقَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الرَّاهِنِ فِي نِصْفِ الْعَبْدِ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدِ الْمُقَرِّ لَهُ، وَفِي النِّصْفِ الْآخَرِ الَّذِي فِي يَدِ المرتهن

<<  <  ج: ص:  >  >>