للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَانَ الرَّهْنُ بَاطِلًا، فَإِنْ كَانَ بَعْدَ الْقَبْضِ فَعَلَى قَوْلَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْقَبْضَ فِي الرَّهْنِ شَرْطٌ فِي تَمَامِهِ، وَفِي الْبَيْعِ حَقٌّ مِنْ أَحْكَامِهِ.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ تَوْجِيهُ الْقَوْلَيْنِ انْتَقَلَ الْكَلَامُ إِلَى التَّفْرِيعِ عَلَيْهِمَا فَإِذَا قُلْنَا بِبُطْلَانِ الرَّهْنِ فَفِي زَمَانِ بُطْلَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الرَّهْنَ قَدْ بَطَلَ حِينَ اخْتِلَاطِهِ وَيَجْرِي مَجْرَى تَلَفِ الرَّهْنِ فَيَكُونُ قَاطِعًا لِتَمَامِهِ وَاسْتِدَامَتِهِ، وَلَا يَكُونُ رَافِعًا مِنْ أَصْلِهِ، فَعَلَى هَذَا لَا خِيَارَ لِلْمُرْتَهِنِ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ، كَمَا لَا يَسْتَحِقُّ بِتَلَفِ الرَّهْنِ بَعْدَ الْقَبْضِ الْخِيَارَ فِي فَسْخِ الْبَيْعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الرَّهْنَ بَاطِلٌ مِنْ وَقْتِ الْعَقْدِ، وَيَكُونُ حُدُوثُ الِاخْتِلَاطِ وإلا عَلَى الْجَهَالَةِ بِهِ حِينَ الْعَقْدِ، فَيَصِيرُ رَافِعًا لَهُ مِنْ أَصْلِهِ، وَقَدْ أَشَارَ إِلَيْهِ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ مَشْرُوطًا فِي بَيْعٍ فَفِي بُطْلَانِ الْبَيْعِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ بَاطِلٌ.

وَالثَّانِي: جَائِزٌ وَلِلْبَائِعِ الْخِيَارُ بَيْنَ إِمْضَاءِ الْبَيْعِ بِالرَّهْنِ وَبَيْنَ فَسْخِهِ، وَإِذَا قُلْنَا بِجَوَازِ الرَّهْنِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الرَّاهِنِ مِنَ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَرْهَنَهُ إِيَّاهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ لَا يسامحه.

والثالث: أن لا يفعل أحدهما ولكن يريد أخذها.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ: وَهُوَ أَنْ يَرْهَنَهُ إِيَّاهَا فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَعْلَمَا قَدْرَهَا أَوْ يَتَّفِقَا عَلَى قَدْرِهَا، فَرَهْنُهَا جَائِزٌ سَوَاءٌ رَهَنَهَا فِي الْحَقِّ الْأَوَّلِ أَوْ فِي غَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ فِي الْحَقِّ الْأَوَّلِ صَارَ مُدْخِلًا رَهْنًا ثَانِيًا عَلَى رَهْنٍ أَوَّلٍ فِي حَقٍّ واحد، وذلك جائز، فيكون جَمِيعُ الثَّمَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْهَا وَالْحَادِثَةِ رَهْنًا فِي حَقٍّ وَاحِدٍ، وَإِنْ رَهَنَهَا فِي حَقٍّ ثَانٍ صَارَتِ الثَّمَرَةُ رَهْنَيْنِ فِي وَقْتَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الرَّهْنَيْنِ مُبْتَاعٌ فِي الرَّهْنِ الْآخَرِ، فيكون بقدر الثَّمَرَةِ الْأُولَى الَّذِي قَدْ عَلِمَاهُ، أَوِ اتَّفَقَا عِلَيْهِ مِنْ نِصْفٍ أَوْ ثُلُثٍ رَهْنًا فِي الْحَقِّ الْأَوَّلِ، وَالثَّمَرَةُ الْحَادِثَةُ الَّتِي قَدْ عَلِمَاهَا أَوِ اتَّفَقَا عَلَيْهَا مِنْ ثُلُثٍ أَوْ ثُلُثَيْنِ رهنا مساغا في الْحَقِّ الثَّانِي.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَعْلَمَا قَدْرَ الثَّمَرَةِ الْحَادِثَةِ وَلَا يَتَّفِقَا عَلَيْهَا، وَإِنْ رَهَنَهَا فِي غَيْرِ الْحَقِّ الْأَوَّلِ كَانَ رَهْنًا بَاطِلًا؛ لِأَنَّهُ رَهْنٌ مَجْهُولُ الْقَدْرِ، وَإِنْ رَهَنَهَا في الحق الأول فعلى وجهين:

<<  <  ج: ص:  >  >>