للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُرْجِعُ بِالزَّرْعِ بَعْدَ نَبَاتِهِ، لِأَنَّ نَبَاتَ الزَّرْعِ هُوَ مِنْ عَيْنِ الْبَذْرِ وَلِذَلِكَ قُلْنَا إنَّ مَنْ غَصَبَ بَذْرًا فَزَرَعَهُ كَانَ الزَّرْعُ بَعْدَ نَبَاتِهِ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ لِأَنَّهُ مِنْ عَيْنِ بَذْرِهِ وَكَذَلِكَ لَوْ غَصَبَ بَيْضًا فَحَضَنَهُ حَتَّى صَارَ فِرَاخًا كَانَتِ الْفِرَاخُ لِلْمَغْصُوبِ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا الْوَجْهِ لِبَائِعِ الْبَيْضِ إِذَا صَارَ فِرَاخًا أَنْ يَرْجِعَ بِهِ، وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ حِينَ بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ بَقْلًا نُظِرَ حَالُهُ عِنْدَ فَلَسِ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ قَصِيلًا أَوْ سُنْبُلًا غَيْرَ مُنْعَقِدٍ كَانَ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَإِنْ كَانَ سُنْبُلًا مُشْتَدًّا فَفِي رُجُوعِ الْبَائِعِ بِهِ مَعَ الْأَرْضِ وَجْهَانِ عَلَى مَا مَضَى وَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ حِينَ بِيعَ مَعَ الْأَرْضِ سُنْبُلًا مُشْتَدًّا فَلِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ مَعَ الْأَرْضِ سَوَاءٌ كَانَ الْحَبُّ بَاقِيًا فِي سُنْبُلِهِ أَوْ قَدْ صُفِّيَ وأخرج منه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ بَاعَهُ حَائِطًا لَا ثَمَرَ فِيهِ أَوْ أَرْضًا لَا زَرْعَ فِيهَا ثُمَّ فَلَسَ الْمُشْتَرِي فَإِنْ كَانَ النَّخْلُ قَدْ أُبِّرَ وَالْأَرْضُ قَدْ زُرِعَتْ كَانَ لَهُ الْخِيَارُ فِي النَّخْلِ وَالْأَرْضِ وَتَبْقَى الثِّمَارُ إِلَى الْجِدَادِ وَالزَّرْعُ إِلَى الْحَصَادِ إِنْ أَرَادَ الْغُرَمَاءُ تَأْخِيرَ ذَلِكَ وَإِنْ شَاءَ ضَرَبَ مَعَ الْغُرَمَاءِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: أَمَّا إِذَا كَانَ الْمَبِيعُ أَرْضًا بَيْضَاءَ لَا زَرْعَ فِيهَا فَزَرَعَهَا الْمُشْتَرِي ثُمَّ أَفْلَسَ وَالزَّرْعُ بَقْلٌ أَخْضَرُ فَلَا حَقَّ فِيهِ لِلْبَائِعِ لِأَنَّ الزَّرْعَ مُودَعٌ فِي الْأَرْضِ لِتَكَامُلِ مَنْفَعَتِهِ فَصَارَ مُنْفَصِلًا عَنِ الْبَيْعِ فَلَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِهِ وَيَرْجِعُ بِالْأَرْضِ وَحْدَهَا الَّتِي هِيَ عَيْنُ مَالِهِ وَعَلَيْهِ إِذَا رَجَعَ بِالْأَرْضِ أَنْ يُقِرَّ الزَّرْعَ فِيهَا إِلَى وَقْتِ حَصَادِهِ إِذَا شَاءَ ذَلِكَ الْمُفْلِسُ وَالْغُرَمَاءُ؛ لِأَنَّ زَرْعَهَا كَانَ بِحَقٍّ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يُقْطَعَ وَلَزِمَ أَنْ يُقِرَّهُ ثُمَّ لَا أُجْرَةَ لِلْبَائِعِ فِي تَرْكِ الزَّرْعِ فِي أَرْضِهِ إِلَى وَقْتِ حَصَادِهِ، لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَمْلِكُ الْمَنْفَعَةَ حِينَ زُرِعَ عَلَى غَيْرِ بَدَلٍ وَلِأَنَّهُ لَوْ كَانَ قَدْ أَجَّرَهَا مُدَّةً ثُمَّ اسْتَرْجَعَهَا الْبَائِعُ بِفَلَسِهِ كَانَتِ الْإِجَارَةُ لَازِمَةً لِلْبَائِعِ إِلَى انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ فِي الْإِجَارَةِ وَالْأُجْرَةُ مِلْكٌ لِلْمُفْلِسِ الْمُشْتَرِي دُونَ الْبَائِعِ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ مَالِكًا لِمَنَافِعِهَا حِينَ أَجَّرَ فَكَذَلِكَ فِيمَا زَرَعَ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِنْ كَانَ الْمَبِيعُ نَخْلًا لَا ثَمَرَ عَلَيْهِ فَفَلَسَ الْمُشْتَرِي وَقَدْ أَثْمَرَتِ النَّخْلُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الثَّمَرَةِ عِنْدَ فَلَسِ الْمُشْتَرِي مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُؤَبَّرَةً، أَوْ غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ مُؤَبَّرَةً فَهِيَ لِلْمُشْتَرِي تُقْسَمُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ وَيَرْجِعُ الْبَائِعُ بِالنَّخْلِ دُونَ الثَّمَرَةِ، لِأَنَّ الثَّمَرَةَ زِيَادَةٌ مُتَمَيِّزَةٌ وَعَلَى الْبَائِعِ تَرْكُ الثَّمَرَةِ عَلَى نَخْلِهِ إِلَى أَوَانِ الْجُذَاذِ وَلَا أُجْرَةَ لَهُ فِي تَرْكِهَا كَمَا قُلْنَا فِي الزَّرْعِ وَعَلَيْهِ التَّمْكِينُ مِنْ سَقْيِهَا وَكَذَلِكَ سَقْيُ الزَّرْعِ. وَإِنْ كَانَتِ الثَّمَرَةُ عِنْدَ فَلَسِ الْمُشْتَرِي غَيْرَ مُؤَبَّرَةٍ فَفِيهَا قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: رَوَاهُ الْمُزَنِيُّ وَحَرْمَلَةُ: أَنَّ الثَّمَرَةَ لِلْبَائِعِ إِنْ رَجَعَ بِالنَّخْلِ تَبَعًا كَمَا يَكُونُ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>