للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُبَاعَ لَهُمَا فَلَا يُدْخِلُ ضَرَرًا عَلَيْهِمَا، وَكَانَ أَبُو الْفَيَّاضِ الْبَصْرِيُّ وَأَكْثَرُ الْبَصْرِيِّينَ يُخْرِجُونَ ذَلِكَ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ: فَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ فِيهِ بِأَنَّ لِلْبَائِعِ أَنْ يَرْجِعَ بِأَرْضِهِ إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ يَسِيرًا أَوْ أَكْثَرُ مَنَافِعِ الْأَرْضِ إِذَا اسْتُرْجِعَتْ بَاقِيًا لِبَقَاءِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَالْمَوْضِعُ الَّذِي قَالَ إِنَّهُ يَضْرِبُ مَعَ الْغُرَمَاءِ بِالثَّمَنِ وَلَا يَرْجِعُ بِالْأَرْضِ إِذَا كَانَ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ كَثِيرًا أَوْ أَكْثَرُ مَنَافِعِ الْأَرْضِ مَشْغُولًا لِفَوَاتِ الْمَقْصُودِ مِنْهَا وَزَوَالِ الِانْتِفَاعِ بِهَا فَتَصِيرَ مُسْتَهْلَكَةً.

(فَصْلٌ)

فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا فَإِذَا قُلْنَا: إن لَا رُجُوعَ لِلْبَائِعِ بِالْأَرْضِ بِيعَتْ مَعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فِي مِلْكِ الْمُفْلِسِ وَكَانَ الْبَائِعُ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ فِي ثَمَنِهَا وَإِنْ قُلْنَا: إِنَّ لِلْبَائِعِ أن يرجع بالأرض فإذا رجع بها فإن رَضِيَ أَنْ تُبَاعَ مَعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ - بِيعَتْ مَعَ ذَلِكَ وَدُفِعَ إِلَى الْبَائِعِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأَرْضِ وَدُفِعَ إِلَى الْغُرَمَاءِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ - وَهَلْ يُدْفَعُ إِلَى الْبَائِعِ نِصْفُ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ أَوْ مَا قَابَلَ ثَمَنَهَا مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ؟ عَلَى وَجْهَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ:

أَحَدُهُمَا: يُدْفَعُ إِلَيْهِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأَرْضِ مَعَ الْبِنَاءِ وَالْغِرَاسِ لِيَكُونَ النَّقْصُ دَاخِلًا عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِغَرْسِهِ وَبِنَائِهِ فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالنَّقْصِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ - أَنَّهُ يَدْفَعُ إِلَى الْبَائِعِ مَا قَابَلَ ثَمَنَ الْأَرْضِ بَيْضَاءَ لِيَكُونَ النَّقْصُ إِنْ كَانَ دَاخِلًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَكُونُ النَّقْصُ فِي الثوب المصبوغ داخلا عليه لأن المشتري غير مدعو بغرس وبناء فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِالنَّقْصِ دُونَ غَيْرِهِ.

والوجه الثاني: وهو أصح أن يدفع إلى البائع ما بلغت الْأَرْضِ بَيْضَاءَ لِيَكُونَ النَّقْصُ إِنْ كَانَ دَاخِلًا عَلَى الْمُشْتَرِي كَمَا يَكُونُ النَّقْصُ فِي الثَّوْبِ الْمَصْبُوغِ دَاخِلًا عَلَيْهِ، وَلِأَنَّ الشَّافِعِيَّ قَدْ قَالَ: إِنَّ الْمُفْلِسَ وَالْغُرَمَاءَ إِنِ اتَّفَقُوا عَلَى قَلْعِ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ لَزِمَهُمْ أَنْ يُغَرَّمُوا نَقْصَ الْأَرْضِ بِقَلْعِ ذَلِكَ. فَأَمَّا إِنِ امْتَنَعَ الْبَائِعُ مِنْ بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَهَلْ يُجْبَرُ الْبَائِعُ عَلَى الْبَيْعِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ:

أَحَدُهُمَا: يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ مَعَ الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ كَمَا يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْجَارِيَةِ مَعَ وَلَدِهَا وَكَمَا يُجْبَرُ عَلَى بيع الثوب مع صبغه.

والقول الثاني: وهو أصح يُجْبَرُ عَلَى بَيْعِ الْأَرْضِ وَيُبَاعُ الْبِنَاءُ وَالْغِرَاسُ مُنْفَرِدًا لِإِمْكَانِ إِفْرَادِهِ بِالْبَيْعِ عَقْدًا بِخِلَافِ الصَّبْغِ - وَشَرْعًا - بِخِلَافِ الْوَلَدِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا اشْتَرَى أَرْضًا مِنْ رَجُلٍ وَغِرَاسًا مِنْ آخَرَ وَغَرَسَهُ فِيهَا ثُمَّ أَفْلَسَ وَحَضَرَ صَاحِبُ الْأَرْضِ وَصَاحِبُ الْغَرْسِ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَرْجِعَ بِعَيْنِ مَالِهِ لِيَرْجِعَ صَاحِبُ الْأَرْضِ بِأَرْضِهِ وَصَاحِبُ الْغِرَاسِ بِغَرْسِهِ فَإِنْ أَحَبَّ صَاحِبُ الْغِرَاسِ قَلْعَ غَرْسِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ غُرْمُ مَا

<<  <  ج: ص:  >  >>