للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَالنَّصِّ وَالِاجْتِهَادُ مَنْقُوضٌ بِالنَّصِّ فَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْغَرِيمَ الْغَائِبَ يُشَارِكُ الْحَاضِرِينَ فِيمَا أَخَذُوهُ فَفِي كَيْفِيَّةِ رُجُوعِهِ عَلَيْهِمْ وَجْهَانِ

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى تُنْقَضُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُهَا الْحَاكِمُ بَعْدَ دُخُولِ الْغَائِبِ فِيهِمْ، لِأَنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى لَمَّا تَقَدَّمَتْ قَبْلَ وَقْتِهَا بَطَلَتْ،

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ مَنْصُوصِهِ - أَنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى مُقَرَّةٌ عَلَى حَالِهَا، وَيَرْجِعُ هَذَا الْغَائِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقِسْطِ دَيْنِهِ وَلَا تَبْطُلُ الْقِسْمَةُ فِيمَا سِوَاهُ. مِثَالُهُ: أَنْ تَكُونَ دُيُونُ الْغُرَمَاءِ الْحَاضِرِينَ خَمْسَةَ آلَافٍ وَدَيْنُ هَذَا الْغَائِبِ أَلْفًا فَتَصِيرَ جَمِيعُ الدُّيُونِ سِتَّةَ آلَافٍ. فَيَكُونَ لِهَذَا الْغَائِبِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْحَاضِرِينَ بِسُدْسِ مَا فِي يَدِهِ لِأَنَّهُ بِقِسْطِ دَيْنِهِ وَيَبْقَى فِي يَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ خَمْسَةُ أَسْدَاسِ مَا قَبَضَهُ مِلْكًا لَهُ بِالْقِسْمَةِ الْأُولَى فَإِنَّمَا لَمْ تَبْطُلْ جَمِيعُ الْقِسْمَةِ لِأَنَّ مَا سِوَى حَقِّ الْغَائِبِ مَوْضُوعٌ فِي حَقِّهِ فَلَمْ يَكُنْ لِفَسْخِ الْقِسْمَةِ وَاسْتِئْنَافِهَا مِنْ بَعْدُ وَجْهٌ.

(فَصْلٌ)

إِذَا قَسَّمَ الْحَاكِمُ مَالَ الْمُفْلِسِ بَيْنَ غُرَمَائِهِ ثُمَّ وَجَدَ لَهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ مَالًا كَانَ أَخْفَاهُ، فَجَمِيعُ تَصَرُّفِهِ فِيهِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بَاطِلٌ مَرْدُودٌ، لِأَنَّ الْحَجْرَ لَمْ يَنْفَكْ عَنْ هَذَا الْمَالِ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْحَاكِمُ قَسْمَهُ بَيْنَ الْغُرَمَاءِ فِيمَا بَقِيَ مِنْ دُيُونِهِمْ وَلَا يَتَعَرَّضُ لِنَقْضِ الْقِسْمَةِ الْأُولَى لَا يَخْتَلِفُ فَلَوْ ظَهَرَ لِلْمُفْلِسِ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ مَالٌ مُتَقَدِّمٌ وَاسْتَفَادَ مَالًا حَادِثًا وَظَهَرَ لَهُ غَرِيمٌ غَائِبٌ وَحَدَثَ لَهُ غَرِيمٌ مُسْتَحْدَثٌ فَالْمَالُ الْمُتَقَدِّمُ لَا حَقَّ فِيهِ لِمَنْ حَدَثَ مِنَ الْغُرَمَاءِ وَيَكُونُ بَيْنَ الْأَوَّلِينَ وَالْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ بِقِسْطِ دَيْنِ الْغَائِبِ فَإِذَا قِيلَ إِنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى قَبْلَ حُضُورِ الْغَائِبِ تَكُونُ بَاطِلَةً ضَمَّ الْحَاكِمُ مَا وَجَدَ مِنَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ مُتَقَدِّمًا إِلَى مَا بِأَيْدِي الْغُرَمَاءِ بِالْقِسْمَةِ ثُمَّ اسْتَأْنَفَهَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْغَائِبِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ الْقِسْمَةَ الْأُولَى لَا تَبْطُلُ دَفَعَ هَذَا الْمَوْجُودَ إِلَى الْغَرِيمِ الْغَائِبِ فَإِنْ كَانَ بِقَدْرِ مَا يَسْتَحِقُّهُ مِنْ قِسْطِ دَيْنِهِ مِنْهُ أُقِرَّتِ الْقِسْمَةُ الْأُولَى عَلَى حَالِهَا وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ دفع إليه قسطه منه وَرَدَّ فَاضِلَهُ عَلَى الْأَوَّلِينَ وَإِنْ كَانَ أَقَلَّ أَخَذَهُ كُلَّهُ ثُمَّ اسْتَرَدَّ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِقَدْرِ مَا بَقِيَ مِنْ قِسْطِ دَيْنَهُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفُ الْحَاكِمُ قِسْمَةَ الْمَالِ الَّذِي اسْتُحْدِثَ مِلْكُهُ بَعْدَ فَكِّ الْحَجْرِ عَنْهُ بَيْنَ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ وَالْمُسْتَحْدَثِينَ. (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) .

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا أَرَادَ الْحَاكِمُ بَيْعَ مَتَاعِهِ أَوْ رَهْنَهُ أَحْضَرَهُ أَوْ وَكِيلَهُ لِيُحْصِي ثَمَنَ ذَلِكَ فَيَدْفَعَ منه حق الرهن مِنْ سَاعَتِهِ " قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَإِنَّمَا يَخْتَارُ الْحَاكِمُ إِحْضَارَ الْمُفْلِسِ بَيْعَ مَتَاعِهِ لِمَعَانٍ:

أحدهما: أَنَّهُ أَعْرَفُ بِأَثْمَانِهَا فَلَا يَلْحَقُهُ غَبْنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>