للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي اسْتِرْجَاعِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَقْدِرُ عَلَى اسْتِعْلَامِ حَالِهِ قَبْلَ الْعَقْدِ فَصَارَ فِي حُكْمِ الْعَالمِ بِهِ وَلَا يَكُونُ تَقْصِيرُهُ فِي ذَلِكَ عُذْرًا وَالْوَجْهُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ عِنْدِي، لِأَنَّ الْفَسْخَ بِالْفَلَسِ يَجْرِي مَجْرَى الْفَسْخِ بِالْعَيْبِ وَالرَّدُّ بِالْعَيْبِ يَجُوزُ وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَسْتَعْلِمَ قَبْلَ الْعَقْدِ فَكَذَلِكَ الْفَسْخُ بِالْفَلَسِ وَجَمِيعُ مَا مَلَكَهُ فِي حَالِ الْحَجْرِ بِابْتِيَاعٍ أَوِ اصْطِيَادٍ أَوْ قَبُولِ هِبَةٍ أَوْ وَصِيَّةٍ يَصِيرُ دَاخِلًا تَحْتَ الْحَجْرِ كَأَنَّهُ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْحَجْرِ فَيَكُونُ تَصَرُّفُهُ فِيهِ كَتَصَرُّفِهِ فِي غَيْرِهِ مِنْ أَمْوَالِهِ الْمُتَقَدِّمَةِ فَهَذَا حُكْمُ عُقُودِهِ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِذِمَّتِهِ وَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا فِي يَدِهِ.

(فَصْلٌ)

وَالضَّرْبُ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ وَعُقُودُهُ مُتَعَلِّقًا بِمَا فِي يَدِهِ. مِثْلَ أَنْ يَبِيعَ مِنْ مَالِهِ مَتَاعًا أَوْ يَهَبَ مَالًا أَوْ يُكَاتِبَ عَبْدًا أَوْ يُحْدِثَ عِتْقًا لَهُ فَقَدْ خَالَفَ مَا يَقْتَضِيهِ الْحَجْرُ مِنَ الْمَنْعِ مِنَ التَّصَرُّفِ وَفِي عُقُودِهِ قَوْلَانِ مَبْنِيَّانِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ اخْتِلَافِ قَوْلَيْهِ فِي مَعْنَى الْحَجْرِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّ جَمِيعَهَا بَاطِلَةٌ إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ جَارٍ مَجْرَى حَجْرِ السَّفَهِ لِبُطْلَانِ عُقُودِ السَّفِيهِ وَرَدِّ تَصَرُّفِهِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنَّهَا جَائِزَةٌ وَتَكُونُ مَوْقُوفَةً إِذَا قِيلَ إِنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ جَارٍ مَجْرَى حَجْرِ الْمَرَضِ لِصِحَّةِ عُقُودِ الْمَرِيضِ وَوُقُوفِهَا عَلَى إِجَازَةِ الْوَرَثَةِ. وَعَلَى هَذَا إِذَا كَانَ فِيمَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ تَصَرُّفِهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ بِسِعْرٍ زَادَ أَوْ رِبْحٍ حَدَثَ أَوْ كَسْبٍ اسْتُفِيدَ كَانَ جَمِيعُ مَا فَعَلَهُ مِنْ بَيْعٍ وَكِتَابَةٍ وَعِتْقٍ مَاضِيًا نَافِذًا لَا اعْتِرَاضَ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ فِي الْبَاقِي مِنْ مَالِهِ وَفَاءٌ لِدَيْنِهِ وَجَبَ أَنْ يُرَدَّ تَصَرُّفُهُ وَتُنْقَضَ عُقُودُهُ وَيَبْدَأَ مِنْهَا بِمَا لَيْسَ فِي مُقَابَلَتِهِ عِوَضٌ كَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ لَمْ يَعْرِضْ لِفَسْخِ عُقُودِ الْمُعَاوَضَاتِ وَأُمْضِيَتْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَفَاءٌ فُسِخَتِ الْكِتَابَةُ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ كَانَ فِيهَا وَفَاءٌ لَمْ يَعْرِضْ لِفَسْخِ الْبَيْعِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا وَفَاءٌ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْمَبِيعِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ بِأَقَلَّ مِنْ ثَمَنِهِ حَتَّى صَارَ مَغْبُونًا فَهَذَا يُفْسَخُ عَلَيْهِ وَيُسْتَرْجَعُ الْمَبِيعُ مِنْ مُشْتَرِيهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ بِأَكْثَرَ مِنْ ثَمَنِهِ حَتَّى صَارَ غَابِنًا فَهَذَا الْبَيْعُ مَاضٍ وَلَا مَعْنَى لِفَسْخِهِ لِأَنَّ إِمْضَاءَ الْبَيْعِ أَوْفَرُ لِحُقُوقِ الْغُرَمَاءِ لِلزِّيَادَةِ الْحَاصِلَةِ فِي ثَمَنِهِ فَلَمْ يَجُزْ إِبْطَالُهَا عَلَيْهِمْ بِالْفَسْخِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَكُونَ قَدْ بَاعَهُ بِمِثْلِ ثَمَنِهِ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نَقْصٍ فهذا ينظر فيه فإن كان الثمن قد زَادَ قِيمَتُهُ أَوِ الْمَبِيعُ قَدْ نَقَصَ سِعْرُهُ أَمْضَى الْعَقْدَ وَلَمْ يُفْسَخْ عَلَيْهِ لِمَا فِي فَسْخِهِ مِنْ دُخُولِ النَّقْصِ وَإِنْ كَانَ عَلَى حَالِهِ لَمْ يَزِدِ الثَّمَنُ وَلَا يَنْقُصْ سِعْرُ الْمُثَمَّنَ فَهَذَا يُنْظَرُ فِيهِ: فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>