للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَأَصْلُ الْإِسْرَافِ: تَجَاوُزُ الْحَدِّ الْمُبَاحِ. {وَبِدَارًا أَنْ يكبروا} يَعْنِي تَأْكُلُ مَالَ الْيَتِيمِ مُبَادِرًا أَنْ يَبْلُغَ فَيَحُولَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَالِهِ.

ثُمَّ قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ} [النساء: ٦] يَعْنِي بِمَالِ نَفْسِهِ عَنْ مَالِ الْيَتِيمِ {وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فليأكل بالمعروف} اخْتَلَفُوا فِي مَعْنَى هَذَا الْأَكْلِ الْمُبَاحِ لِلْفَقِيرِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقَاوِيلَ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْقَرْضُ يَسْتَقْرِضُ ثُمَّ يَقْضِي إِذَا وَجَدَ وَهُوَ قَوْلُ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَجُمْهُورِ التَّابِعِينَ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَأْكُلُ مَا سَدَّ الْجَوْعَةَ وَيَلْبَسُ مَا وَارَى الْعَوْرَةَ وَلَا قَضَاءَ وَهُوَ قَوْلُ إِبْرَاهِيمَ. وَمَكْحُولٍ وَقَتَادَةَ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَأْكُلَ مِنْ ثَمَرِهِ وَيَشْرَبَ مِنْ رَسْلِ مَاشِيَتِهِ مِنْ غَيْرِ تَعَرُّضٍ لِمَا سِوَى ذَلِكَ مِنْ فِضَّةٍ أَوْ ذَهَبٍ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَالِيَةِ وَالشَّعْبِيِّ.

وَالرَّابِعُ: أَنْ يَأْخُذَ إِذَا كَانَ مُحْتَاجًا أُجْرَةَ عَمَلِهِ مَعْلُومَةً عَلَى قَدْرِ خِدْمَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ عَطَاءٍ.

وَمِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى الْحَجْرِ أَيْضًا قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لا يستطع أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ} [البقرة: ٢٨٢] .

أَمَّا السَّفِيهُ فَفِيهِ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ الْجَاهِلُ بِالصَّوَابِ فِيمَا لَهُ وَعَلَيْهِ، وَهَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ الْمُفْسِدُ لَهُ فِي الْجِهَاتِ الْمُحَرَّمَةِ وَهَذَا أَصَحُّ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِمَعْنَى اللَّفْظِ.

أَمَّا الضَّعِيفُ فَفِيهِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْأَحْمَقُ وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَالسُّدِّيِّ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ ضَعِيفُ الرَّأْيِ وَالتَّدْبِيرِ مِنْ صِغَرٍ أَوْ كِبَرٍ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ الصَّغِيرُ الَّذِي يَضْعُفُ عَنِ الْقِيَامِ بِأَمْرِهِ وَالتَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَإِلَيْهِ ذَهَبَ الشَّافِعِيُّ.

" أَمَّا الَذِي لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ " فَفِيهِ ثَلَاثَةُ تَأْوِيلَاتٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ الْأَخْرَسُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>