للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِيهِ إِذْنُ زَوْجِهَا، وَلِأَنَّ مَنِ اسْتَحَقَّ تَسْلِيمَ مَالِهِ إِلَيْهِ اسْتَحَقَّ جَوَازَ تَصَرُّفِهِ فِيهِ كَالْغُلَامِ؛ وَلِأَنَّ لِلزَّوْجَةِ حَقًّا فِي يَسَارِ الزَّوْجِ فِي زيادة النفقة مَا لَيْسَ لِلزَّوْجِ فِي يَسَارِ الزَّوْجَةِ فَلَمَّا جَازَ تَصَرُّفُ الزَّوْجِ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجَةِ مَعَ حَقِّهَا فِي يَسَارِهِ فَأَوْلَى أَنْ يَجُوزَ تَصَرُّفُ الزَّوْجَةِ بِغَيْرِ إِذْنِ الزَّوْجِ لِسُقُوطِ حَقِّهِ بِيَسَارِهَا فَأَمَّا الْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ فَقَدْ ذَكَرْنَا وَجْهَ الِاسْتِدْلَالِ مِنْهَا فَكَانَ جَوَابًا عَنْهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْله تَعَالَى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: ٣٤] فَهُوَ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ أَنَّهُمْ أَهْلُ قِيَامٍ عَلَى نِسَائِهِمْ فِي تَأْدِيبِهِنَّ عَلَى مَا يَجِبُ عَلَيْهِنَّ.

وَقَدْ رَوَى جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ سَبَبَ ذَلِكَ أَنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ لَطَمَ امْرَأَتَهُ فَجَاءَتْ تَلْتَمِسُ الْقِصَاصَ فجعل النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بَيْنَهُمَا الْقِصَاصَ فَنَزَلَتِ الْآيَةُ: {وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضَى إِلَيْكَ وَحْيُهُ} [طه: ١١٤] . ثُمَّ نَزَلَتْ {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} [النساء: ٣٤] . فَلَمْ يَكُنْ فِي الْآيَةِ عَلَى مَا اسْتَدَلَّ بِهِ مَالِكٌ دَلِيلٌ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ فَهُوَ أَنَّهُ ضَعِيفٌ. وَلَوْ صَحَّ لَكَانَ مَحْمُولًا عَلَى الْمُبَذِّرَةِ إِذَا وَلِيَ الزَّوْجُ الْحَجْرَ عَلَيْهَا.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ: " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ عَطِيَّةُ شَيْءٍ إِلَا بِإِذْنِ زَوْجِهَا " فَهُوَ أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَالِ الزَّوْجِ.

وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِ إِنَّ الْمَهْرَ يَزِيدُ بِزِيَادَةِ مَالِهَا وَيَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ فَهُوَ أَنَّهُ وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ فَلِأَجْلِ مَا يَعُودُ فِي الزَّوْجِ مِنْ تَوْفِيرِ الْمَالِ بِالْإِرْثِ وَسُقُوطِ نَفَقَةِ أَوْلَادِهِ عَنْهُ بِالْإِعْسَارِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَإِذَا كَانَ وَاجِبًا أَنْ يَحْجُرَ عَلَى مَنْ قَارَبَ الْبُلُوغَ وَقَدْ عَقَلَ نَظَرًا لَهُ وَإِبْقَاءً لِمَالِهِ فَكَانَ بَعْدَ الْبُلُوغِ أَشَدَّ تَضْيِيعًا لِمَالِهِ وأكثر إتلافا له لَا يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَالْمَعْنَى الَّذِي أَمَرَ بِالْحَجْرِ عَلَيْهِ بِهِ فِيهِ قَائِمٌ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: السَّفِيهُ الْمُبَذِّرُ لِمَالِهِ يَجِبُ الْحَجْرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ بَالِغًا.

وَقَالَ أبو حنيفة وزفر: لَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَ الْحَجْرُ عَلَى بَالِغٍ عَاقِلٍ وَإِنْ كَانَ سَفِيهًا مُبَذِّرًا.

اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ: أَمَرَ بِالْإِنْفَاقِ وَنَهَى عَنِ الْإِمْسَاكِ فَقَالَ تَعَالَى: {وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ} [المنافقون: ١٠] .

وَقَالَ: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} [آل عمران: ٩٢] .

فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ فِعْلُ مَا نَدَبَ إِلَيْهِ يُوجِبُ الْحَجْرَ عَلَيْهِ، وَقَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " ليس لك

<<  <  ج: ص:  >  >>