للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَامٌّ وَهَذَا قَوْلُ مَنْ جَعَلَهُ أَصْلًا بِذَاتِهِ.

فَأَمَّا الصُّلْحُ الَّذِي يُحَرِّمُ الْحَلَالَ فَهُوَ: أَنْ يُصَالِحَهُ عَلَى دَارٍ عَلَى أَنْ لَا يَسْكُنَهَا، أَوْ يُصَالِحَ زَوْجَتَهُ عَلَى أَنْ لَا يَتَزَوَّجَ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى أَنْ لَا يُطَلِّقَهَا فَيُحَرِّمُ عَلَى نَفْسِهِ بِالصُّلْحِ مَا أَحَلَّهُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ السُّكْنَى وَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ.

وَأَمَّا الصُّلْحُ الَّذِي يُحِلُّ الْحَرَامَ فَهُوَ: أَنْ يُصَالِحَهُ مِنَ الدَّرَاهِمِ عَلَى أَكْثَرَ مِنْهَا، أَوْ عَلَى دَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ أَوْ عَلَى خَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ.

فَيَسْتَحِلُّ بِالصُّلْحِ مَا حُرِّمَ عَلَيْهِ مِنَ الربا والخمر والخنزير.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " فَمَا جَازَ فِي الْبَيْعِ جَازَ فِي الصُّلْحِ وَمَا بَطَلَ فِيهِ بَطَلَ فِي الصُّلْحِ ".

قَالَ الماوردي: وهذا صَحِيحٌ وَجُمْلَةُ الصُّلْحِ ضَرْبَانِ: مُعَاوَضَةٌ، وَحَطِيطَةٌ.

فَأَمَّا الْمُعَاوَضَةُ: فَهُوَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى حَقِّهِ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ، مِثْلَ أَنْ يُصَالِحَ عَلَى دَرَاهِمَ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَنَانِيرَ بِدَرَاهِمَ، فَهَذَا بَيْعٌ يَجْرِي عَلَيْهِ حُكْمٌ فَإِنْ كَانَ مِمَّا يَدْخُلُهُ الرِّبَا كَالصُّلْحِ عَلَى الدَّرَاهِمِ بِالدَّنَانِيرِ أَوْ عَلَى الْبُرِّ بِالشَّعِيرِ لَزِمَ فِيهِ الْقَبْضُ قَبْلَ الِافْتِرَاقِ وَدَخَلَهُ خِيَارُ الْمَجْلِسِ دُونَ خِيَارِ الشَّرْطِ.

وَإِنْ كَانَ مما لا ربا فيه جاز في الِافْتِرَاقُ قَبْلَ الْقَبْضِ وَثَبَتَ فِيهِ خِيَارُ الْمَجْلِسِ وَخِيَارُ الثَّلَاثِ. وَصَحَّ فِيهِ دُخُولُ الْأَجَلِ وَأَخْذُ الرَّهْنِ فِيهِ فَيُعْتَبَرُ فِي صِحَّتِهِ وَفَسَادِهِ مَا يُعْتَبَرُ فِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَهُوَ الَّذِي بَدَأَ بِهِ الشَّافِعِيُّ.

وَأَمَّا الْحَطِيطَةُ فَهُوَ أَنْ يُصَالِحَهُ مِنْ حَقِّهِ عَلَى بَعْضِهِ وَذَلِكَ ضَرْبَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ عَيْنًا قَائِمَةً.

فَإِنْ كَانَ الْحَقُّ فِي الذِّمَّةِ فَصُورَتُهُ: أَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَعْتَرِفُ بِهَا فَيُصَالِحَهُ مِنْهَا عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا فَهَذَا يَكُونُ إِبْرَاءً.

فَإِنْ حَطَّ الْبَاقِيَ بَعْدَ الْخَمْسِينَ بِلَفْظِ الْإِبْرَاءِ فَقَالَ قَدْ صَالَحْتُكَ عَلَى خَمْسِينَ دِينَارًا وَأَبْرَأْتُكَ مِنَ الْبَاقِي صَحَّ. إِلَّا أَنْ يَخْرُجَ الْإِبْرَاءُ مَخْرَجَ الشَّرْطِ فَيَقُولُ: إِنْ أَعْطَيْتَنِي خَمْسِينَ دِينَارًا فَقَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنَ الْبَاقِي. أَوْ يَقُولَ قَدْ أَبْرَأْتُكَ مِنْ خَمْسِينَ دِينَارًا إِنْ دَفَعْتَ إِلَيَّ خَمْسِينَ دِينَارًا فَلَا يَصِحُّ هَذَا الْإِبْرَاءُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>