للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا ادَّعَى أَخَوَانِ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ وَلَمْ يَنْسُبَاهَا إِلَى أنهما مَلَكَاهَا بِسَبَبٍ وَاحِدٍ فَأَقَرَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِهِمَا بِالنِّصْفِ وَأَنْكَرَ الْآخَرَ فَعَلَيْهِ الْيَمِينُ لِمَنْ أَنْكَرَهُ وَيَنْفَرِدُ الْمُقَرُّ لَهُ بِالنِّصْفِ لَا يُشَارِكُهُ الْآخَرُ فِيهِ. لِأَنَّهُ لَا تَعَلُّقَ لِمِلْكِ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ.

وَهَكَذَا لَوِ ادَّعَيَاهَا مِيرَاثًا مَقْبُوضًا قَدِ اسْتَقَرَّ مِلْكُهُمَا عَلَيْهَا بِالْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ فَصَدَّقَ أَحَدَهُمَا عَلَى النِّصْفِ وَأَنْكَرَ الْآخَرَ تَفَرَّدَ الْمُقَرُّ لَهُ بِالنِّصْفِ وَلَمْ يُشَارِكْهُ الْآخَرُ فِيهِ.

كَمَا لَوْ لَمْ يضيفا ذَلِكَ إِلَى سَبَبٍ وَاحِدٍ لِأَنَّ الْمِيرَاثَ إِذَا اسْتَقَرَّ مِلْكُهُ بِالْقِسْمَةِ وَالْقَبْضِ لَمْ يَتَعَلَّقْ مِلْكُ أَحَدِهِمَا بِالْآخَرِ. أَلَا تَرَى لَوِ اقْتَسَمَا دَارَيْنِ وَأَخَذَ كُلُّ وَاحِد مِنْهُمَا إِحْدَى الدَّارَيْنِ ثُمَّ غُصِبَتْ إِحْدَى الدَّارَيْنِ مِنْ أَحَدِهِمَا انْفَرَدَ الْآخَرُ بِالْبَاقِيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُشَارِكَهُ فِيهَا أَخُوهُ. وَلَوْ غُصِبَتْ قَبْلَ الْقِسْمَةِ لَشَارَكَهُ فِيهَا كَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارِ إِذَا صَدَّقَ أَحَدَهُمَا عَلَى النِّصْفِ قبل القسمة شاركه الآخرة فِيهِ. وَإِنْ صَدَّقَهُ بَعْدَ الْقِسْمَةِ لَمْ يُشَارِكْهُ الآخر فيه.

[(مسألة)]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ أَقَرَّ لِأَحَدِهِمَا بِجَمِيعِ الدَّارِ فَإِنْ كَانَ لَمْ يُقِرَّ لِلْآخَرِ بِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ فَلَهُ الْكُلُّ وَإِنْ كَانَ أَقَرَّ بِأَنَّ لَهُ النِّصْفَ وَلِأَخِيهِ النِّصْفَ كَانَ لِأَخِيهِ أَنْ يَرْجِعَ بِالنِّصْفِ عَلَيْهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. إِذَا ادَّعَى الْأخَوَانِ دَارًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَاعْتَرَفَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ لِأَحَدِ الْأَخَوَيْنِ بِجَمِيعِ الدَّارِ وَأَنْكَرَ الْآخَرَ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَنْسُبَا تِلْكَ إِلَى جِهَةٍ وَاحِدَةٍ يَسْتَوِيَانِ فِيهَا فَتَكُونَ الدَّارُ لِلْأَخَوَيْنِ مَعًا.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ لَا يَنْسُبَاهَا إِلَى جِهَةٍ يَتَسَاوَيَانِ فِيهَا فَلِلْمُقَرِّ لَهُ حَالَانِ:

حَالٌ يَقْبَلُ الْإِقْرَارَ بِجَمِيعِهَا، وَحَالٌ لَا يَقْبَلُ. فَإِنْ لَمْ يَقْبَلِ الْإِقْرَارَ بِجَمِيعِهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ الَّذِي ادَّعَاهُ. فَأَمَّا النِّصْفُ الْآخَرُ الَّذِي أَقَرَّ لَهُ بِهِ وَلَمْ يَقْبَلْهُ فَفِيهِ لِأَصْحَابِنَا ثَلَاثَةُ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَكُونُ مُقَرًّا فِي يَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَيَكُونَ الْمُكَذَّبُ خَصْمًا لَهُ فِيهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَخْذَهُ مَعَ أَنَّ يَدَهُ عَلَيْهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يُنْزَعُ النِّصْفُ مِنْ يَدِهِ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ حَاكِمٍ حَتَّى إِذَا ثَبَتَ عِنْدَهُ مُسْتَحِقُّهُ سَلَّمَهُ إِلَيْهِ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ أَوْجَبَ رَفْعَ يَدِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّهُ يُدْفَعُ إِلَى مُدَّعِيهِ لِأَنَّهُ خَصْمٌ لَهُ فِيهِ. وَإِنْ قَبِلَ مُدَّعِي النِّصْفَ الْإِقْرَارَ بِالْكُلِّ انتزعه الْكُلُّ مِنَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ ثُمَّ نُظِرَ فَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ لَهُ قَدْ حَفِظَ عَلَيْهِ تَصْدِيقَ أَخِيهِ فِي ادِّعَائِهِ النِّصْفَ إِمَّا قَبْلَ الْإِقْرَارِ لَهُ أَوْ بَعْدَهُ لَزِمَهُ تَسْلِيمُ النِّصْفِ إِلَى أَخِيهِ. بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ إِقْرَارِهِ؛ لِأَنَّ إِقْرَارَهُ عَلَى غَيْرِهِ لَا يَلْزَمُ فَإِذَا صَارَ الْقَبْضُ إلى يده لزمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>