للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَقَالَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ بَلِ ارْتِفَاعُ السُّفْلِ خَمْسَةُ أَذْرُعٍ وَارْتِفَاعُ الْعُلُوِّ خَمْسَةَ عَشَرَ ذِرَاعًا.

فَقَدِ اخْتَلَفَا عَلَى أَنَّ لِصَاحِبِ السُّفْلِ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ لَا نِزَاعَ فِيهَا وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ خَمْسَةَ أَذْرُعٍ لَا نِزَاعَ فِيهَا، وَاخْتَلَفَا فِي عَشَرَةِ أَذْرُعٍ ادَّعَاهَا كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا وَأَيْدِيهِمَا مَعًا عَلَيْهَا، فَوَجَبَ أَنْ يَتَحَالَفَا عَلَيْهَا وَيُجْعَلُ الْعَشَرَةُ الْمُخْتَلَفُ عَلَيْهَا بَعْدَ أَيْمَانِهِمَا مَعًا بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ.

فَيَصِيرُ لِصَاحِبِ السُّفْلِ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ، وَلِصَاحِبِ الْعُلُوِّ عَشَرَةَ أَذْرُعٍ. ثُمَّ يَشْتَرِكَانِ فِي بِنَاءِ السُّفْلِ، بَعْدَ أَنْ يَخْتَصَّ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا بِبِنَاءِ حَقِّهِ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّقْفُ لِأَحَدِهِمَا، فَيَخْتَصُّ الَّذِي هُوَ لَهُ بِبِنَائِهِ دُونَ غَيْرِهِ.

وَالْحَالُ الثَّالِثَةُ: أَنْ يَمْتَنِعَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ مِنَ الْبِنَاءِ، وَيَدْعُوَ صَاحِبُ السُّفْلِ إِلَيْهِ، فَلَهُ أَنْ يَخْتَصَّ بِبِنَاءِ سُفْلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَةُ صَاحِبِ الْعُلُوِّ بِبِنَاءِ عُلُوِّهِ، لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ فِي بِنَائِهِ، وَيَقْدِرُ عَلَى الِانْتِفَاعِ بِحَقِّهِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ السَّقْفُ بَيْنَهُمَا، فَيَكُونَ عَلَى مَا نَذْكُرُهُ مِنَ الْقَوْلَيْنِ فِي إِجْبَارِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى الْمُبَانَاةِ.

وَالْحَالُ الرَّابِعَةُ: وَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ: أَنْ يَمْتَنِعَ صَاحِبُ السُّفْلِ مِنْ بِنَائِهِ وَيَدْعُوَ صَاحِبُ الْعُلُوِّ إِلَيْهِ لِيَبْنِيَ الْعُلُوَّ عَلَيْهِ فَفِي إِجْبَارِهِ قَوْلَانِ:

وَهَكَذَا الشَّرِيكَانِ فِي حَائِطٍ قَدِ انْهَدَمَ، إِذَا دُعِيَ أَحَدُهُمَا إِلَى الْبِنَاءِ وَامْتَنَعَ الْآخَرُ. هَلْ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ مِنْهُمَا عَلَى الْبِنَاءِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُهُ فِي الْقَدِيمِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ: أَنَّهُ يُجْبَرُ الْمُمْتَنِعُ عَلَى الْبِنَاءِ لِيَصِلَ الْآخَرُ إِلَى حَقِّهِ. لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ مِنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ ".

فلما نفى لحقوق الْإِضْرَارِ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الْإِجْبَارِ. وَلِمَا رُوِيَ: أن الضحاك بن خليفة أنبع ماء بالعريص وَأَرَادَ أَنْ يُجْرِيَهُ إِلَى أَرْضِهِ فَلَمْ يَصِلْ إِلَيْهِ إِلَّا بَعْدَ إِمْرَارِهِ عَلَى أَرْضِ مُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ فَامْتَنَعَ مُحَمَّدٌ مِنْ ذَلِكَ وَتَخَاصَمَا إِلَى عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالَ عُمَرُ لِمُحَمَّدِ بْنِ سَلَمَةَ لَيَمُرَّنَّ بِهِ أَوْ أُمِرُّهُ عَلَى بَطْنِكَ.

وَرُوِيَ أَنَّهُ " قُضِيَ عَلَى بَعْضِ الْأَنْصَارِ، بِمِثْلِ ذَلِكَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>