للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَا فِي الْعَقْدِ أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَا فِيهِ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُطْلِقَا الْعَقْدَ.

فَإِنِ اشْتَرَطَا أَنْ يَبْنِيَ عَلَيْهِ لَمْ يَخْلُ حَالُ الشَّرْطِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَشْتَرِطَا عَلَيْهِ بِنَاءً مَعْلُومًا بِصِفَاتِهِ طُولًا وَعَرْضًا وَيَصِفَانِ آلَتَهُ آجُرٌّ وَجَصٌّ وَلَبِنٌ وَطِينٌ فَهَذَا بَيْعٌ جَائِزٌ وَشَرْطٌ لَازِمٌ.

وَلَيْسَ لِلْمُشْتَرِي الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ وَلَا لِلْبَائِعِ الْمَنْعُ مِنْهُ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ مَعْلُومَةٌ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَشْتَرِطَا أَنْ يَبْنِيَ مَا شَاءَ فَهَذَا شَرْطٌ بَاطِلٌ لِلْجَهَالَةِ بِهِ وَبَيْعٌ بَاطِلٌ لِمَا تَضَمَّنَهُ مِنْ بُطْلَانِ الشَّرْطِ الْفَاسِدِ. وَخَالَفَ الْأَرْضَ إِذَا عَاوَضَهُ عَلَى الْبِنَاءِ فِيهَا. لِأَنَّ الْأَرْضَ تَحْتَمِلُ مَا يُبْنَى عَلَيْهَا فَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى تَقْدِيرِهِ بِالشَّرْطِ. وَالْعُلُوُّ لَا يَحْتَمِلُ الْبِنَاءَ عَلَيْهِ إِلَّا إِلَى حَدٍّ مُقَدَّرٍ فَافْتَرَقَا.

الْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَشْتَرِطَا الْبِنَاءَ وَلَا يَشْتَرِطَا قَدْرَهُ وَلَا وَصَفَا طُولَهُ وَعَرْضَهُ بَلْ يَكُونُ الشَّرْطُ مُطْلَقًا فَفِي الشَّرْطِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: لَازِمٌ وَيَبْنِي عَلَيْهِ مَا احْتَمَلَهُ لِأَنَّهُ قَدْ يَتَقَدَّرُ عِنْدَ أَهْلِ الْخِبْرَةِ بِالْمُعْتَادِ الْمَأْلُوفِ فَلَمْ يَفْتَقِرْ إِلَى تَقْدِيرِهِ بِالشَّرْطِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ الشَّرْطَ بَاطِلٌ لِأَنَّ الْعَادَاتِ فِيهِ مُخْتَلِفَةٌ وَأَهْلُ الْخِبْرَةِ لَا يَتَّفِقُونَ فِيهِ وَلِأَنَّهُ مَجْهُولٌ عِنْدَ الْمُتَعَاقِدَيْنِ فِي الْحَالِ وَهَذَا أَصَحُّ الْوَجْهَيْنِ.

فَعَلَى هَذَا يَكُونُ الْبَيْعُ بَاطِلًا. لِفَسَادِ مَا ضُمِّنَ مِنَ الشَّرْطِ فَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ إِذَا تَبَايَعَاهُ بِشَرْطِ الْبِنَاءِ عَلَيْهِ.

فَأَمَّا إِذَا تَبَايَعَاهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ فَالْبَيْعُ جَائِزٌ وَلَيْسَ لَهُ الْبِنَاءُ عَلَيْهِ وَلَهُ أَنْ يَسْكُنَ فِيهِ وَيَرْتَفِقَ بِهِ كَيْفَ شَاءَ بَعْدَ أَنْ لَا يَبْنِيَ.

فَإِنْ قِيلَ: فَلِمَ صَحَّ هَذَا الْعَقْدُ وَقَدْ تَضَمَّنَهُ شَرْطٌ أَوْقَعَ عَلَيْهِ حَجْرًا فِي مِلْكِهِ فَصَارَ كَمَا لَوْ بَاعَهُ أَرْضًا عَلَى أَنْ لَا يَبْنِيَ فِيهَا.

قِيلَ الشَّرْطُ لَمْ يَتَضَمَّنْ حَجْرًا فِيمَا مَلَكَهُ بِالْعَقْدِ. وَإِنَّمَا تَضَمَّنَ الْمَنْعَ مِنْ إِحْدَاثِ مَا لَيْسَ عَلَى مِلْكِهِ فِي الْحَالِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعُلُوِّ حَيْثُ جَازَ بَيْعُهُ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَبْنِيَ عَلَيْهِ وَبَيْنَ الْأَرْضِ حَيْثُ لَمْ يَجُزْ

<<  <  ج: ص:  >  >>