للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَجُوزُ بَيْعُهُ بِشَرْطِ الْقَطْعِ فَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ بِشَرْطِ الْقَطْعِ صَحَّ الصُّلْحُ. وَإِنْ صَالَحَ عَلَيْهِ مُطْلَقًا لَمْ يَخْلُ حَالُ الْأَرْضِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ تَكُونَ لِلْمُصَالِحِ بَاذِلِ الْمَالِ أَوْ لَا تَكُونَ.

فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَرْضُ لَهُ بَطَلَ صُلْحُهُ عَلَى الزَّرْعِ بِغَيْرِ شَرْطِ الْقَطْعِ كَمَا يَبْطُلُ بَيْعُهُ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ. وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ لَهُ فَفِي صُلْحِهِ وَجْهَانِ: -

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَجُوزُ لِأَنَّهُ يَصِيرُ تَبَعًا لِلْأَرْضِ فَصَارَ كَمُشْتَرِي الزَّرْعِ مَعَ الْأَرْضِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ بَاطِلٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ فِيهِ الْقَطْعُ لِأَنَّ عَقْدَ الصُّلْحِ قَدِ انْفَرَدَ بِالزَّرْعِ فَلَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ تَبَعًا لِمَا لَمْ يَدْخُلِ فِيهِ مِنَ الْأَرْضِ.

(مَسْأَلَةٌ)

قَالَ الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ الزَّرْعُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَصَالَحَهُ أَحَدُهُمَا عَلَى نِصْفِ الزَّرْعِ لَمْ يَجُزْ مِنْ قِبَلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَسَّمَ الزَّرْعُ أَخْضَرَ وَلَا يُجْبَرُ شَرِيكُهُ عَلَى أَنْ يَقْلَعَ مِنْهُ شَيْئًا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. وَإِذَا كَانَ الزَّرْعُ فِي يَدَيْ رَجُلَيْنِ فَادَّعَاهُ رَجُلٌ فَصَدَّقَهُ أَحَدُهُمَا دُونَ الْآخَرِ وَصَالَحَهُ الْمُصَدِّقُ عَلَى نِصْفِهِ بِمَالٍ فَإِنْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يَصِحُّ الصُّلْحُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ اشْتِرَاطِ الْقَطْعِ. كَسُنْبُلِ الشَّعِيرِ وَمَا بَرَزَ مِنَ الْحُبُوبِ الْمُشْتَدَّةِ جَازَ الصُّلْحُ.

وَإِنْ كَانَ مِمَّا يَلْزَمُ اشْتِرَاطُ الْقَطْعِ فِيهِ كَالزَّرْعِ الَّذِي هُوَ بَقْلٌ لَمْ يَشْتَدَّ نُظِرَ.

فَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَرْضُ لِلْمُقِرِّ الْمُصَالِحِ فَهَذَا الصُّلْحُ بَاطِلٌ لِأَنَّ اشْتِرَاطَ الْقَطْعِ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ مُشَاعًا غَيْرُ مُمْكِنٍ وَقِسْمَتُهُ لَا تَلْزَمُ.

وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ لِلْمُقِرِّ الْمُصَالِحِ فَفِي صِحَّةِ الصُّلْحِ وَجْهَانِ:

إِنْ قِيلَ إِنَّ اشْتِرَاطَ الْقَطْعِ فِيهِ لَازِمٌ بَطَلَ الصُّلْحُ لِتَعَذُّرِ اشْتِرَاطِهِ فِيهِ وَإِنْ قِيلَ إِنَّ اشْتِرَاطَ الْقَطْعِ فِيهِ غَيْرُ لَازِمٍ صَحَّ الصُّلْحُ.

وَهَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّرْعُ كُلُّهُ فِي يَدِ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَقَرَّ لِمُدَّعِيهِ بِنِصْفِهِ وَصَالَحَهُ عَلَيْهِ كَانَ الصُّلْحُ فِيهِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ بُطْلَانِهِ إِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَرْضُ لَهُ وَإِنْ كَانَتِ الْأَرْضُ لَهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: لِأَنَّهُ يَصِيرُ مُصَالِحًا عَلَى نِصْفِهِ مُشَاعًا فَتَعَذَّرَ اشْتِرَاطُ قَطْعِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ وهو حسبي.

<<  <  ج: ص:  >  >>