للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِنْ شَرْطِ صِحَّتِهِ أَنْ يَكُونَ ثَابِتًا فِي مَحَلٍّ يُؤْمَنُ تَلَفُهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْعَبْدِ أَنَّ التَّعْيِينَ فِيمَا بِيَدِ الْعَبْدِ إِنَّمَا يُصْرَفُ إِلَى الْأَدَاءِ دُونَ الضَّمَانِ، لِأَنَّ الضَّمَانَ مُتَعَلِّقٌ بِذِمَّتِهِ فَصَحَّ وَالتَّعْيِينَ فِي الْحُرِّ انْصَرَفَ إِلَى الضَّمَانِ فَبَطَلَ. وَإِنْ كَانَ عَلَى الْعَبْدِ دَيْنٌ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالِ التِّجَارَةِ فَهَلْ يَصِيرُ الْعَبْدُ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي الْمَالِ الَّذِي بِيَدِهِ لِأَجْلِ دُيُونِهِ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: حَكَاهُمَا ابْنُ سُرَيْجٍ.

أَحَدُهُمَا: لَا حَجْرَ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ إِلَّا لِسَيِّدِهِ لِكَوْنِ ذَلِكَ عَلَى مِلْكِهِ وَهُوَ فِي حَقِّ مَنْ سِوَى السَّيِّدِ كَالْحُرِّ يَجُوزُ تَصَرُّفُهُ مَا لَمْ يُحْجَرْ عَلَيْهِ بِالْفَلَسِ فَعَلَى هَذَا يَصِحُّ ضَمَانُهُ وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ أَذِنَ لَهُ فِي هِبَةِ الْمَالِ صَحَّتْ هِبَتُهُ، لِأَنَّ إِذْنَ السَّيِّدِ يَدْفَعُ حَجْرَهُ وَلَيْسَ عَلَيْهِ لِمَنْ سِوَاهُ حَجْرٌ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: إِنَّ الْعَبْدَ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ فِيمَا بِيَدِهِ بِدَيْنِ غُرَمَائِهِ كَمَا كَانَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ فِي حَقِّ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ يُعَامَلُ بِمَا فِي يَدِهِ لِضَعْفِ ذِمَّتِهِ، بِخِلَافِ الْحَجْرِ وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْعَلَ مَا يُدْخِلُ الضَّرَرَ عَلَى غُرَمَائِهِ، بِهِبَةٍ وَلَا غَيْرِهَا، وَإِنْ كَانَ عَنْ إِذْنِ سَيِّدِهِ فَعَلَى هَذَا فِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: بَاطِلٌ لِأَنَّهُ صَرَفَهُ إِلَى جِهَةٍ لَمْ يَثْبُتْ فِيهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ ضَمَانَهُ جَائِزٌ لِأَنَّ الضَّمَانَ لَا يَتَعَيَّنُ فِي الْمَالِ وَإِنَّمَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْأَدَاءُ فَعَلَى هَذَا فِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يَكُونُ فِيمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الضَّمَانِ، وَفِيمَا فَضَلَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ الْمَالِ الَّذِي كَانَ بِيَدِهِ قَبْلَ الضَّمَانِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونَ فِي ذِمَّتِهِ يُؤَدِّيهِ بَعْدَ عِتْقِهِ.

(فَصْلٌ)

وَالْفَصْلُ الثَّانِي هُوَ أَنْ يُضَمِنَ الْعَبْدُ مَالًا عَنْ سَيِّدِهِ لِأَجْنَبِيٍّ، فَيَصِحُّ ضَمَانُهُ إِذَا كَانَ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ لِأَنَّ الْعَبْدَ قَدْ يَلْزَمُهُ دَيْنُهُ كَالْحُرِّ، فَصَارَ ضَمَانُهُ عَنْ سَيِّدِهِ كَضَمَانِ غَيْرِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الضَّمَانِ عَنْهُ لِأَنَّ الضَّمَانَ عَقْدٌ لَا يَصِحُّ مَعَ الْإِجْبَارِ فَإِذَا أَدَّى الْعَبْدُ عَنْ سَيِّدِهِ مَالَ ضَمَانِهِ فِي حَالِ رِقِّهِ لَمْ يُسْتَحَقَّ عَلَى سَيِّدِهِ الرُّجُوعُ بِهِ، لِأَنَّ مَا بِيَدِ الْعَبْدِ مِلْكٌ لِسَيِّدِهِ فَلَمْ يَصِحَّ أَنْ يَجِبَ لَهُ فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهِ مَالٌ، وَإِنْ أَدَّاهُ عَنِ السَّيِّدِ بَعْدَ عِتْقِهِ فَفِي رُجُوعِهِ بِذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ لَهُ الرُّجُوعُ عَلَى سَيِّدِهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ بَعْدَ عِتْقِهِ، لِأَنَّهُ أَدَّاهُ فِي حَالٍ يَصِحُّ أَنْ يَثْبُتَ لَهُ فِي ذِمَّةِ سَيِّدِهِ دَيْنٌ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: قَالَهُ أَبُو حَامِدٍ الْمَرْوَزِيُّ فِي جَامِعِهِ لَا رُجُوعَ لَهُ بِذَلِكَ عَلَى سَيِّدِهِ لِأَنَّهُ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>