للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَصْحَابِهِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ أُجْرَةِ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ فَيَرْجِعُ صَاحِبُ الرَّحَى عَلَى الثَّلَاثَةِ بِثَلَاثَةِ أَرْبَاعِ رَحَاهُ وَعَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِالرُّبُعِ وَالرُّبُعُ الْآخَرُ يُقَسَّطُ لِأَنَّهُ فِي مُقَابَلَةِ مَا حَصَلَ لَهُ مِنَ الْعَمَلِ هَكَذَا وَصَاحِبُ الْبَغْلِ، وَصَاحِبُ الْبَيْتِ، وَصَاحِبُ الْعَمَلِ، وَلَوْ تَوَلَّى أَحَدُهُمُ الْإِجَارَةَ لِنَفْسِهِ كَانَتِ الْأُجْرَةُ كُلُّهَا لَهُ وَعَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ جَمِيعُ أُجْرَةِ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ.

(فَصْلٌ)

وَلَوِ اشْتَرَكَ ثَلَاثَةٌ فِي اسْتِقَاءِ وَبَيْعِهِ لِيَكُونَ مِنْ أَحَدِهِمُ الْبَعِيرُ وَمِنَ الْآخَرِ السقاء والآخر عامل ببدنه فِي سَقْيِ الْمَاءِ فَرَوَى الرَّبِيعُ أَنَّ ثَمَنَ الْمَاءِ يَكُونُ لِصَاحِبِهِ الْآخِذِ لَهُ وَعَلَيْهِ لِصَاحِبِ الْبَعِيرِ وَالسِّقَاءِ أُجْرَةُ مِثْلِ الْبَعِيرِ وَالسِّقَاءِ وَرَوَى أبو علي الْبُوَيْطِيُّ أَنَّ ثَمَنَ الْمَاءِ يَكُونُ بَيْنَهُمْ عَلَى الشَّرِكَةِ أَثْلَاثًا وَيَكُونُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ عَلَى صَاحِبِهِ ثُلُثَا أُجْرَةِ مَا كَانَ مِنْ جِهَتِهِ فَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي اخْتِلَافِ هَاتَيْنِ الرِّوَايَتَيْنِ فَكَانَ بَعْضُهُمْ يُخْرِجُهَا عَلَى قَوْلَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ثَمَنَ الْمَاءِ يَكُونُ لِصَاحِبِهِ الْآخِذِ لَهُ كَالشُّرَكَاءِ فِي الزَّرْعِ يَكُونُ الزَّرْعُ بَيْنَهُمْ لِصَاحِبِ الْبَذْرِ.

وَالْقَوْلُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عَلَى أصل الشركة لأن الماء بصير كَرَأْسِ مَالٍ تَسَاوَوْا فِيهِ. وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ بْنُ سُرَيْجٍ لَيْسَ ذَلِكَ عَلَى قَوْلَيْنِ وَإِنَّمَا اخْتِلَافُ النَّقْلَيْنِ مَحْمُولٌ عَلَى اخْتِلَافِ حَالَيْنِ فَرِوَايَةُ الرَّبِيعِ أَنَّ ثَمَنَ الْمَاءِ لِآخِذِهِ مَحْمُولَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِالْأَخْذِ لِنَفْسِهِ وَرِوَايَةُ الْبُوَيْطِيِّ أَنَّهُ يَكُونُ بَيْنَهُمْ أَثْلَاثًا عَلَى الشَّرِكَةِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ بِهِ الْآخِذَ لِلشَّرِكَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[(مسألة)]

قال المزني رضي الله عنه: " وَالشَّرِكَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَنَانِيرَ مِثْلَ دَنَانِيرِ صَاحِبِهِ وَيَخْلِطَاهُمَا فَيَكُونَانِ فِيهَا شَرِيكَيْنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الشَّرِكَةَ إِنَّمَا تَصِحُّ فِيمَا يَتَخَلَّطُ فَلَا يَتَمَيَّزُ فَعَلَى هَذَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ دَرَاهِمَ وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ، وَلَا يُخْرِجُ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ مَغْرِبِيَّةً وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ مَشْرِقِيَّةً وَلَا أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ صِحَاحًا وَالْآخَرُ دَنَانِيرَ مكسرة وَلَا أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا دَنَانِيرَ صِحَاحًا وَالْآخَرُ دراهم مُكَسَّرَةً وَلَا أَنْ يُخْرِجَ أَحَدُهُمَا دَرَاهِمَ عَلَى ضَرْبِ سِكَّةٍ وَنَقْشٍ يُخَالِفُهَا دَرَاهِمُ الْآخَرِ فِي السِّكَّةِ وَالنَّقْشِ لِأَنَّ هَذَا كُلَّهُ يَتَمَيَّزُ بَعْدَ خَلْطِهِ وَجَوَّزَ أبو حنيفة الشَّرِكَةَ فِي هَذَا كله لأنه مال ناض فلم يؤثر اخْتِلَافُ أَوْصَافِهِ فِي الشَّرِكَةِ بِهِ وَهَذَا غَيْرُ صَحِيحٍ لِأَنَّ مَا يَتَمَيَّزُ بَعْدَ خَلْطِهِ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِهِ كَالْعُرُوضِ فَعَلَى هَذَا لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ بِالنِّقَادِ وَالسَّبَائِكِ لِتَمَيُّزِهَا وَأَنَّهَا تَجْرِي مَجْرَى الْعُرُوضِ لِمَا يَتَوَجَّهُ إِلَيْهَا مِنْ زِيَادَةِ السِّعْرِ وَنَقْصِهِ حَتَّى تَكُونَ الشَّرِكَةُ فِي دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ مُتَّفِقَةٍ فِي النَّوْعِ وَالصِّفَةِ لَا يخالف أحدها الْأُخْرَى بِصِفَةٍ تَتَمَيَّزُ بِهَا فَإِذَا حَصَلَ وَكَانَ مَالُهَا مُشْتَبِهًا لَا يَتَمَيَّزُ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ بِشَيْءٍ فَمِنْ تَمَامِ الشَّرِكَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>