للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا الرَّدَّ وَالْآخَرُ الْإِمْسَاكَ (قَالَ الشَّافِعِيُّ) ذَلِكَ جَائِزٌ لِأَنَّ مَعْقُولًا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا اشْتَرَى نِصْفَهُ بِنِصْفِ الثَّمَنِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَقَدْ مَضَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَذَكَرْنَا أَنَّ الشَّرِيكَيْنِ فِي الْعَبْدِ إِذَا بَاعَاهُ صَفْقَةً مِنْ رَجُلٍ فَوَجَدَ بِهِ عَيْبًا فَلَهُ رَدُّ جَمِيعِهِ عَلَيْهِمَا وَلَهُ رَدُّ نَصِفِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وهذا ما وَافَقَ عَلَيْهِ أبو حنيفة فَأَمَّا إِنِ اشْتَرَى الرَّجُلَانِ عَبْدًا بَيْنَهُمَا صَفْقَةً مِنْ رَجُلٍ ثُمَّ وَجَدَاهُ مَعِيبًا فَلَهُمَا رَدُّ جَمِيعِهِ عَلَى بَائِعِهِ وَلِأَحَدِهِمَا رَدُّ نِصْفِهِ دُونَ شَرِيكِهِ وَمَنَعَ أبو حنيفة أَنْ يَرُدَّ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ إِلَّا مَعَ شريكه وقد مضى الكلام عليه.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا إِذَا كَانَ أَحَدُ الْمُشْتَرِيَيْنِ قَدِ انْفَرَدَ بِعَقْدِ الشِّرَاءِ بِوَكَالَةِ صَاحِبِهِ ثُمَّ وَجَدَاهُ مَعِيبًا فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمُتَوَلِّي لِلشِّرَاءِ حِينَ الْعَقْدِ مِنْ أَنْ يَكُونَ قَدْ ذَكَرَ لِلْبَائِعِ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ شَرِكَةً بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ أَوْ لَمْ يَذْكُرْهُ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِرَدِّ النصف حتى يرد جميعه أو يمسكا جَمِيعَهُ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ وَاحِدٌ فَكَانَتِ الصَّفْقَةُ وَاحِدَةً وَإِنْ ذُكِرَ أَنَّ الشِّرَاءَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ شَرِيكِهِ فَهَلْ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يَنْفَرِدَ بِالرَّدِّ أَمْ لَا عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أبي علي بْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ لَهُ ذَلِكَ لِأَنَّ ذِكْرَ ذَلِكَ كَالْمُبَاشَرَةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيِّ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعَا عَلَى الرَّدِّ لِأَنَّ ذَلِكَ يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ بِخِلَافِ الْمُبَاشَرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْمَذْكُورُ أَنَّهُ أَمَرَهُ بِالشِّرَاءِ كَانَتِ الصَّفْقَةُ كُلُّهَا لَازِمَةً لِمُتَوَلِّي الشِّرَاءِ وَلَوْ كَانَتْ صَفْقَتَيْنِ لَتَفَرَّقَتْ.

(فَصْلٌ)

فَلَوْ كَانَ الْعَبْدُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَوَكَّلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ فِي الْبَيْعِ فَبَاعَهُ ثُمَّ وَجَدَ الْمُشْتَرِي بِهِ عَيْبًا فَأَرَادَ رَدَّ نِصْفِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا نُظِرَ فَإِنْ كَانَ مُتَوَلِّيَ الْبَيْعِ ذَكَرَ لِلْمُشْتَرِي أَنَّهُ شَرِيكٌ فَلَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِرَدِّ نِصْفِهِ عَلَى أَحَدِهِمَا وَإِنْ لَمْ يَذْكُرْ لَهُ أَنَّهُ شَرِيكُهُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَجُوزُ أَنْ يُفَرِّقَ الصَّفْقَةَ بِرَدِّ النِّصْفِ حَتَّى يَرُدَّ جَمِيعَهُ إِنْ شَاءَ لِأَنَّ مُتَوَلِّي الْعَقْدِ وَاحِدٌ فَصَارَتِ الصَّفْقَةُ بِهِ وَاحِدَةً.

وَالثَّانِي: لَهُ أَنْ يَنْفَرِدَ بِرَدِّ النِّصْفِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ لِأَنَّ افْتِرَاقَ الْمِلْكِ مِنْ جِهَةِ الْبَائِعِ يُوجِبُ تَفْرِيقَ الصَّفْقَةِ. أَلَا تَرَى أَنَّهُ لَوْ أَنْكَرَ الْإِذْنَ لَتَفَرَّقَتِ الصَّفْقَةُ وَصَحَّ الْعَقْدُ فِي حِصَّةِ الْمُتَوَلِّي لِلْعَقْدِ دُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الْإِذْنُ.

(فَصْلٌ)

وَإِذَا كَانَ لِرَجُلٍ عَبْدٌ رُومِيٌّ وَلِآخَرَ عَبْدٌ تُرْكِيٌّ فَوَكَّلَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَيْدًا فِي بَيْعِ عَبْدِهِ فَبَاعَ الْوَكِيلُ الْعَبْدَيْنِ صَفْقَةً وَاحِدَةً لِرَجُلٍ بِأَلْفٍ وَلَمْ يُمَيِّزْ ثَمَنَ كُلِّ وَاحِدٍ منهما فقد ذكر الشافعي في من تَزَوَّجَ أَرْبَعَةَ نِسْوَةٍ فِي عَقْدٍ عَلَى صَدَاقٍ بِأَلْفٍ وَلَمْ يَذْكُرْ قِسْطَ مَهْرِ كُلِّ وَاحِدَةٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>