للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَكِيلُ قَدْ ذَكَرَ مُوَكِّلَهُ فِي عَقْدِ الشِّرَى نُظِرَ فِي حَالِ الْبَائِعِ. فَإِنْ كَذَّبَ الْوَكِيلَ عَلَى مَا ادَّعَاهُ مِنْ إِذْنِ الْمُوَكِّلِ فَالشِّرَى لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ. وَإِنْ صَدَّقَهُ عَلَى الْإِذْنِ فَفِي بُطْلَانِ الْعَقْدِ وَجْهَانِ بِنَاءً عَلَى اخْتِلَافِ الْوَجْهَيْنِ فِي الْمُوَكِّلِ هَلْ يَصِيرُ مُشَارِكًا لِلْوَكِيلِ فِي الْتِزَامِ الثَّمَنِ بِالْعَقْدِ فَإِذَا قِيلَ يَبْطُلُ الشِّرَى سَقَطَ الثَّمَنُ عَنِ الْوَكِيلِ إِنْ كَانَ فِي ذِمَّتِهِ وَرَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ إِنْ كَانَ قَدْ أَدَّاهُ. وَإِذَا قِيلَ بلزوم الشِّرَى لِلْوَكِيلِ فَهَلْ يَصِيرُ مَالِكًا لِلْعَبْدِ الْمُشْتَرَى أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ صَارَ مَالِكًا لَهُ كَسَائِرِ أَمْلَاكِهِ يَمْلِكُ كَسْبَهُ وَزِيَادَةَ ثَمَنِهِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: لَا يَمْلِكُهُ وَإِنَّمَا يَكُونُ فِي يَدِهِ لِيَسْتَوْفِيَ مِنْ ثَمَنِهِ مَا أَدَّاهُ فِي ثَمَنِهِ. فَإِنْ زَادَ الثَّمَنُ لَمْ يَمْلِكِ الزِّيَادَةَ وَلَا فَاضِلَ الْكَسْبِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا أَبُ الطِّفْلِ وَوَلِيُّ الْيَتِيمِ إِذَا اشْتَرَيَا شَيْئًا لِلطِّفْلِ أَوِ الْيَتِيمِ، فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا فِي الْعَقْدِ اسْمَ الطِّفْلِ، كَانَ الْأَبُ وَالْوَلِيُّ ضَامِنَيْنِ لِلثَّمَنِ، وَلَا يَضْمَنُهُ الطِّفْلُ فِي ذِمَّتِهِ وَيُؤَدِّيَا ذلك من ماله، وإن ذكر اسْمَهُ فِي الْعَقْدِ لَمْ يَلْزَمْهُمَا ضَمَانٌ بِخِلَافِ الْوَكِيلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ.

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْوَلِيِّ وَالْوَكِيلِ أَنْ شِرَى الْوَلِيِّ لَازِمٌ لِلْمُوَلَّى عَلَيْهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ فَلَمْ يَلْزَمِ الْوَلِيَّ ضَمَانُهُ. وَشِرَى الْوَكِيلِ يَلْزَمُ بِإِذْنِ مُوَكِّلِهِ فَلَزِمَ الْوَكِيلَ ضَمَانُهُ.

فَهَذَا أَحَدُ فَصْلَيِ الْمُقَدِّمَةِ.

(فَصْلٌ)

فَأَمَّا الْفَصْلُ الثَّانِي مِنَ الْمُقَدِّمَةِ وَهُوَ أَنْ يَدْفَعَ الْمُوَكِّلُ مَالًا إِلَى وَكِيلِهِ لِيَشْتَرِيَ لَهُ عَبْدًا بِهِ. فَهَذَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِعَيْنِ الْمَالَ عَبْدًا فَوَجَبَ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ بِعَيْنِ مَالِ مُوَكِّلِهِ. فَإِنِ اشْتَرَاهُ فِي ذِمَّتِهِ لَمْ يَلْزَمْ لِلْمُوَكِّلِ وَكَانَ الشِّرَى لَازِمًا لِلْوَكِيلِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: الْوَكِيلُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَ الْعَبْدَ بِعَيْنِ الْمَالِ وَبَيْنَ أَنْ يَشْتَرِيَهُ فِي ذِمَّتِهِ. وَهُوَ في كلا الحالين لازم للموكل. وبنا ذَلِكَ عَلَى أَصْلِهِ أَنَّ الدَّرَاهِمَ وَالدَّنَانِيرَ لَا يَتَعَيَّنَانِ عِنْدَهُ وَهَذَا خَطَأٌ لِتَعْيِينِ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ عِنْدَنَا فِي الْعُقُودِ كَمَا تَتَعَيَّنُ فِي الْغُصُوبُ. وَقَدْ دَلَّلْنَا عَلَى ذَلِكَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ وَلِأَنَّ يَدَ الْوَكِيلِ كَيَدِ الْمُودَعِ وَمَالُ الْوَدِيعَةِ مُتَعَيَّنٌ وَكَذَا مَا بِيَدِ الْوَكِيلِ مُتَعَيَّنٌ. وَإِذَا تَعَيَّنَ مَا بِيَدِهِ لِمُوَكِّلِهِ حَتَّى لَا يَجُوزَ أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ عَيْنَ مَالِهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الشِّرَى مَحْمُولًا عَلَى مُوجِبِ إِذْنِهِ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَأْمُرَهُ أَنْ يَشْتَرِيَ فِي ذِمَّتِهِ ويفقد الْمَالَ فِي ثَمَنِهِ. فَإِنِ اشْتَرَاهُ فِي الذِّمَّةِ صَحَّ، وَكَانَ لَازِمًا لِلْمُوَكِّلِ. وَإِنِ اشْتَرَاهُ بِعَيْنِ الْمَالِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>