للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ وَهِيَ أَنْ يَقُولَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا كَذَا فَهُوَ إِقْرَارٌ بِشَيْءٍ وَاحِدٍ وَإِنْ تَكَرَّرَ لِأَنَّ حَذْفَ وَاوِ الْعَطْفِ يَجْعَلُ التَّكْرَارَ تَأْكِيدًا كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ شَيْءٌ شَيْءٌ. أَوْ لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ دِرْهَمٌ، فَلَا يَكُونُ إِلَّا شَيْئًا وَاحِدًا أَوْ دِرْهَمًا وَاحِدًا.

وَإِذَا كَانَ بِمَا وَصَفْنَا إِقْرَارًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ رُجِعَ فِي تَفْسِيرِهِ إِلَيْهِ فَإِنْ ضَمَّهُ إِلَى ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ نُظِرَ، فَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمٌ بِالرَّفْعِ وَكَذَا كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إِلَّا دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لَا يَخْتَلِفُ الْفُقَهَاءُ فِيهِ وَإِنْ قَالَ كَذَا كَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ فَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ عَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ سَوَاءٌ كَانَ نَحْوِيًّا يُعْرِبُ كَلَامَهُ أَمْ لَا، وَقَالَ محمد بن الحسن عَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا سَوَاءٌ كَانَ نَحْوِيًّا أَمْ لَا. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ الْمَرْوَزِيُّ إِنْ كَانَ مِنَ الْعَامَّةِ الَّذِينَ لَا يُعْرِبُونَ فِي الْكَلَامِ فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ، وَإِنْ كَانَ نَحْوِيًّا فَعَلَيْهِ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا كَمَا قَالَ محمد بن الحسن اسْتِدْلَالًا بِأَنَّهُ أَوَّلُ الْأَعْدَادِ الْمُرَكَّبَةِ الَّتِي يَكُونُ تَمْيِيزُهَا مَنْصُوبًا فَأُلْزِمَ مُقْتَضَى لَفْظِهِ.

وَهَذَا خَطَأٌ فِي الْحُكْمِ، وَالدَّلَالَةُ عَلَى فَسَادِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذِكْرَ الْعَدَدِ إِذَا تَعَقَّبَهُ تَفْسِيرُ الْجِنْسِ لَمْ يُوجِبْ زِيَادَةً فِي الْعَدَدِ الْمَذْكُورِ اعْتِبَارًا بِسَائِرِ الْأَعْدَادِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَمْ يُعْتَبَرْ بِمُقْتَضَى اللِّسَانِ فِي قَوْلِهِ كَذَا دِرْهَمٍ بِالْخَفْضِ في إيجاب مئة دِرْهَمٍ عَلَيْهِ اعْتِبَارًا بِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّ تَفْسِيرَ الْجِنْسِ لَا يَقْتَضِي زِيَادَةَ الْعَدَدِ كَذَلِكَ فِي النَّصْبِ وَفِيمَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَيْنِ دَلِيلٌ وَانْفِصَالٌ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ فَهُوَ أَنْ يَقُولَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا فَهَذَا إِقْرَارٌ بِشَيْئَيْنِ لِدُخُولِ وَاوِ الْعَطْفِ بَيْنَهُمَا، وَهَكَذَا لَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا ثُمَّ كَذَا كَانَ إِقْرَارُهُ بِشَيْئَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا بَلْ كَذَا فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ إِقْرَارًا بِشَيْءٍ وَاحِدٍ، وَيَكُونُ الثَّانِي إِثْبَاتًا لِلْأَوَّلِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ إِقْرَارًا بِشَيْئَيْنِ لِأَنَّهُ لَا يَسُوغُ فِي اللِّسَانِ أَنْ يَقُولَ رَأَيْتُ زَيْدًا بَلْ زَيْدًا، يَعْنِي الْأَوَّلَ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ إِذَا عَنَى غَيْرَهُ.

فَإِنَّ ضَمَّهُ إِلَى ذِكْرِ الدَّرَاهِمِ فَقَالَ: لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا بِالنَّصْبِ أو درهم بالخفض، قال الشافعي: ههنا يَلْزَمُهُ دِرْهَمَانِ وَحَكَى الْمُزَنِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ إِنَّهُ يَلْزَمُهُ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ.

وَاخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي ذَلِكَ لِاخْتِلَافِ جَوَابِهِ عَلَى أَرْبَعِ طُرُقٍ:

إِحْدَاهَا: وَهِيَ طَرِيقَةُ الْمُزَنِيِّ أَنَّ المسألة على قولين:

<<  <  ج: ص:  >  >>