للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ حَيْثُ كَانَ فِي الْأُولَى مُقِرًّا بِدَيْنٍ وَاجِبٍ وَفِي الثَّانِيَةِ بِهِبَةٍ غَيْرِ لَازِمَةٍ أَنَّهُ قَالَ فِي الْأُولَى: فِي مِيرَاثِ أَبِي فَأَضَافَ الْمِيرَاثَ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ لِأَنَّ مِلْكَ أَبِيهِ قَدْ زَالَ عَنِ الْمَالِ بِمَوْتِهِ وَلَا يَصيرُ مِيرَاثُ الْأَبِ لَهُ إِلَّا لِدَيْنٍ يَتَعَلَّقُ فَلِذَلِكَ صَارَ إِقْرَارًا بِدَيْنٍ. وَفِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ قَالَ: فِي مِيرَاثِي مِنْ أَبِي فَأَضَافَ مِلْكَ الْأَبِ إِلَى نَفْسِهِ وَهُوَ لَا يَمْلِكُ مِيرَاثَ أَبِيهِ إِلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الدَّيْنِ وَالْوَصَايَا فَانْصَرَفَ الْإِقْرَارُ عَنِ الدَّيْنِ إِلَى الْهِبَةِ لِاحْتِمَالِهَا.

وَمِثَالُ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنْ يَقُولَ: لَهُ مِنْ هَذِهِ الدَّارِ نِصْفُهَا وَمِنْ دَارِي نِصْفُهَا لِأَنَّ هَذَا كَانَ إِقْرَارُهُ هَذَا هِبَةً غَيْرَ لَازِمَةٍ لِلْفَرْقِ الْمَذْكُورِ بَيْنَهُمَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ قَالَ لَهُ عِنْدِي ألف درهمٍ عاريةً كانت مضمونةً ".

وهذا صحيح، وجملته أن عارية الدراهم جائزة وفي جواز إجارتها وجهان لفرق بينهما نذكره في موضعه، فإذا قَالَ: لَهُ عِنْدِي أَلْفُ دِرْهَمٍ عَارِيَّةٍ كَانَتْ مضمونة لأن العارية مضمونة فاستوى حكم قوله: عارية مضمونة كما يستوي حكم قوله: مغصوبة ومضمونة. وهكذا لو قال: له عندي ألف درهم قرضاً كانت مضمونة لأن القرض مضمون والله أعلم.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو أقر في عبد في يده لفلانٍ وأقر العبد لغيره فالقول قول الذي هو في يَدِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا حُكِمَ بِرِقِّ الْعَبْدِ فِي يَدِ رَجُلٍ وَالْحُكْمُ بِرِقِّهِ يَكُونُ مِنْ ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:

أَحَدُهَا: الْبَيِّنَةُ الْقَائِمَةُ بِرِقِّهِ مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ:

إِمَّا بِسَبْيٍ فَلَا يقبل فيه إِلَّا شَاهِدَانِ:

وَإِمَّا لِوِلَادَتِهِ مِنْ أَمَتِهِ عَنْ إِصَابَةِ زَوْجٍ أَوْ سِفَاحٍ فَيُقْبَلُ فِيهِ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ يَشْهَدْنَ بِوِلَادَتِهِ.

وَالثَّانِي: الْيَدُ وَهُوَ أَنْ يَلْتَقِطَ صَغِيرًا مَجْهُولَ النَّسَبِ فَيَدَّعِيهِ الْمُلْتَقِطُ عَبْدًا فَيَحْكُمُ لَهُ بِرِقِّهِ فَإِذَا تَصَرَّفَ فِيهِ تَصَرُّفَ الِاسْتِرْقَاقِ فِي اسْتِخْدَامِهِ ثُمَّ بَلَغَ وَأَنْكَرَ الرِّقَّ لَمْ يُؤَثِّرْ إِنْكَارُهُ بَعْدَ الْحُكْمِ بِرِقِّهِ.

وَالثَّالِثُ: الْإِقْرَارُ أَنْ يَدَّعِيَ رِقَّهُ بَعْدَ الْبُلُوغِ فَيُصَدِّقُ الْمُدَّعِي عَلَى اسْتِرْقَاقِهِ فَيَصِيرُ عَبْدًا بِإِقْرَارِهِ بِشَرْطَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ مَجْهُولَ النَّسَبِ فَإِنْ عُرِفَ لَهُ نَسَبٌ يُوجِبُ الْحُرِّيَّةَ لَمْ يُقْبَلْ إِقْرَارُهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>