للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا قَالَ: أَرَدْتُ الدَّرَاهِمُ الْبَغْلِيَّةَ فَمَقْبُولٌ لِزِيَادَتِهَا عَلَى دَرَاهِمِ غَالِبِ النَّاسِ، وَإِنْ قَالَ: مِنَ الدَّرَاهِمِ الطَّبَرِيَّةِ وَهِيَ طَبَرَيَّةُ الشَّامِ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا فَهُوَ مَقْبُولٌ كَالِاسْتِثْنَاءِ لِأَنَّ نَقْصَ الْوَزْنِ كَنَقْصِ الِاسْتِثْنَاءِ مِنَ الْأَعْدَادِ. وَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُنْفَصِلًا فَلَا يَخْلُو حَالُهُ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ الَّتِي هِيَ وَزْنُ دَرَاهِمِهِمْ. أَوْ لَا.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْهُمْ وَكَانَ مِنْ غَيْرِهِمْ أَوْ مِنْهُمْ وَلَكِنْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِمْ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ كَمَا لَا يُقْبَلُ مِنْهُ الِاسْتِثْنَاءُ الْمُنْفَصِلُ لِأَنَّهُمَا نَقَصَا عَدَدًا وَقَدْرًا.

وَإِنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ الْبَلَدِ وَفِيهِ كَأَهْلِ طَبَرِيَّةِ الشَّامِ إِذَا أَقَرَّ الْوَاحِدُ مِنْهُمْ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ ثُمَّ قَالَ مُنْفَصِلًا: أَرَدْتُ الدِّرْهَمَ الطَّبَرَيِّ، أَوْ كَأَهْلِ خُوَارِزْمَ إِذَا قَالَ الْمُقِرُّ فِيهَا بِالدَّرَاهِمِ: أَرَدْتُ الدِّرْهَمَ الْخُوَارِزْمِيَّ، فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: قَالَهُ أبو حامد المروررذي فِي جَامِعِهِ مِنْ بَابِ الْإِقْرَارِ بِالْحُكْمِ الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ مَقْبُولٌ مِنْهُ كَمَا يَلْزَمُ ذَلِكَ فِي إِطْلَاقِ الْبَيْعِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِينِيِّ: لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إِلَّا دَرَاهِمُ الْإِسْلَامِ لِأَنَّ عُرْفَ الْبِلَادِ فِي الْإِقْرَارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ وَإِنْ كَانَ مُعْتَبَرًا فِي الْبَيْعِ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ بَعْدَ الْإِقْرَارِ بِالْأَلْفِ: هِيَ زَيْفٌ فَهَذَا نَقَصَ الْجِنْسُ دُونَ الْقَدْرِ فَلَا يَخْلُو حَالُ تِلْكَ الزَّيْفِ أَنْ يَكُونَ فِيهَا فِضَّةٌ أَمْ لَا.

فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فِيهَا فِضَّةٌ لَمْ يُقْبَلْ ذَلِكَ مِنْهُ سَوَاءٌ قَالَهُ مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا لِأَنَّ اسْمَ الدَّرَاهِمِ لَا يَتَنَاوَلُهَا فَصَارَ كَالِاسْتِثْنَاءِ الرَّافِعِ لِكُلِّ الْجُمْلَةِ يَكُونُ مَرْدُودًا مُتَّصِلًا أَوْ مُنْفَصِلًا. وَإِنْ كَانَ فِيهَا

فِضَّةٌ فَإِنْ قَالَ ذَلِكَ مُتَّصِلًا قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ قَالَهُ مُنْفَصِلًا لَمْ يُقْبَلْ كَالِاسْتِثْنَاءِ لِبَعْضِ الْجُمْلَةِ إِلَّا أَنْ يَكُونَ فِي بَلَدٍ تِلْكَ دَرَاهِمُهُمْ فَيُخْرِجُهُ عَلَى الْوَجْهَيْنِ الْمَاضِيَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ كَبِيرٌ، فَعَلَيْهِ دِرْهَمٌ مِنْ وَزْنِ دَرَاهِمِ الْإِسْلَامِ وَزْنُهُ سِتَّةُ دَوَانِقَ إِلَّا أَنْ يُرِيدَ الْبَغْلِيَّ الَّذِي هُوَ أَزْيَدُ مِنْهُ فَيَلْزَمُهُ بِإِرَادَتِهِ. وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ دِرْهَمٌ صَغِيرٌ، وَقَالَ أَرَدْتُ الطَّبَرِيَّ الَّذِي وَزْنُهُ أَرْبَعَةُ دَوَانِقَ قُبِلَ مِنْهُ لِأَنَّهُ أَصْغَرُ الدَّرَاهِمِ وَزْنًا فَكَانَ إِقْرَارُهُ لِبَيَانِهِ مُحْتَمَلًا وَخَالَفَ حَالَ الْإِطْلَاقِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

مَسْأَلَةٌ

قال الشافعي رضي الله عنه: " وإن قَالَ هِيَ مِنْ سَكَّةِ كَذَا وَكَذَا صُدِّقَ مَعَ يَمِينِهِ كَانَ أَدْنَى الدَّرَاهِمِ أَوْ أَوْسَطُهَا جائزةً بغير ذلك الْبَلَدِ أَوْ غَيْرُ جَائِزَةٍ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ ثَوْبٌ أَعْطَاهُ أَيَّ ثوبٍ أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَلْبَسُهُ أَهْلُ بَلَدِهِ (قال المزني) رحمه الله فِي قَوْلِهِ إِذَا

<<  <  ج: ص:  >  >>