للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ: لَهُ فِي مَالِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ: كَانَ إِقْرَارًا بِدَيْنٍ وَخَالَفَ فِي الْجَوَابِ بَيْنَ قَوْلِهِ: مِنْ مَالِي، فَجَعَلَهُ هِبَةً وَبَيْنَ قَوْلِهِ: فِي مَالِي، فَجَعَلَهُ إِقْرَارًا وَهُوَ قَوْلُ أبي حنيفة.

وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا هُوَ أَنَّهُ بِقَوْلِهِ: فِي مَالِي، جَعَلَ مَالَهُ ظَرْفًا لِلْأَلْفِ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا فَلَمْ يَمْنَعْ إِضَافَةُ الْمَالِ إِلَى نَفْسِهِ مِنْ ثُبُوتِ الْأَلْفِ فِيهِ لِغَيْرِهِ وَإِذَا قَالَ: مِنْ مَالِي لَمْ يَصِرِ الْمَالُ ظَرْفًا وَكَانَتِ الْأَلْفَ جُزْءًا مِنَ الْمَالِ فَيَمْنَعُ إِضَافَةُ الْمَالِ إِلَى نَفْسِهِ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ مِنْهُ مَمْلُوكًا لِغَيْرِهِ. وَأَمَّا إذا قال: له من دَارِي هَذِهِ نِصْفُهَا فَهُوَ هِبَةٌ وَلَيْسَ بِإِقْرَارٍ، وَيَسْتَوِي قَوْلُهُ فِي دَارِي، وَمِنْ دَارِي، وَيُخَالِفُ قَوْلَهُ: فِي مَالِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَلْفٍ مِنَ الْمَالِ لَا يَمْنَعُ أَنْ يُسَمَّى الْبَاقِي مَالًا وَاسْتِحْقَاقُ نِصْفِ الدَّارِ يَمْنَعُ أَنْ يُسَمَّى الْبَاقِي دَارًا.

وَلَوْ قَالَ فِي مِيرَاثِي عَنْ أَبِي أَلْفُ دِرْهَمٍ، كَانَ كَقَوْلِهِ: مِنْ مِيرَاثِي عَنْ أَبِي وَخَالَفَ قَوْلَهُ: فِي مَالِي، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مَا وَرِثَهُ عَنْ أَبِيهِ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ فِيهِ وَقَدْ يَتَعَلَّقُ بِمَالِهِ حَقٌّ لِغَيْرِهِ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِنِصْفِهَا لِرَجُلٍ وَكَذَّبَهُ الشَّرِيكُ وقال أبو حنيفة كَانَ لِلْمُقَرِّ لَهُ بِالنِّصْفِ ثُلُثُ الدَّارِ وَلِلْمُقِرِّ السُّدُسَ تَكْمِلَةَ النِّصْفِ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لِلشَّرِيكِ الْمُكَذِّبِ، وَعِلَّةُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: أَنَّ الْمُقِرَّ بِالنِّصْفِ يَقُولُ: لِي وَلِشَرِيكِي النِّصْفُ وَالنِّصْفُ الْبَاقِي لَكَ أَيُّهَا الْمَقَرُّ لَهُ.

فَيَكُونُ ذَلِكَ مَثَلًا مَالِي - فَإِذَا تَفَرَّدَ الشَّرِيكُ بِتَكْذِيبِهِ بِالنِّصْفِ - صَارَ النِّصْفُ الْبَاقِي بَيْنَنَا أَثْلَاثًا لِي مِنْهُ سَهْمٌ وَاحِدٌ وَلَكَ مِنْهُ سَهْمَانِ مِثْلَا مَالِي.

وحكى أبو العباس ابن الرَّجَاءِ الْبَصْرِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ مَذْهَبَهُ سُؤَالُ الْمُقَرِّ لَهُ بِالنِّصْفِ: أَلَهُ فِي الدَّارِ بَاقِي مِلْكٍ أَمْ لَا؟

فَإِنْ قَالَ: لَا شَيْءَ لِي فِي الدَّارِ صَحَّ إِقْرَارُهُ فِيهَا بِالنِّصْفِ وَكَانَ النِّصْفُ الْآخَرُ لِلشَّرِيكِ.

وَإِنْ قَالَ: لِي نِصْفُهَا لَزِمَهُ الْإِقْرَارُ بِرُبْعِهَا، وَكَانَ الرُّبْعُ الْآخَرُ لَهُ، وَالنِّصْفُ لِلشَّرِيكِ لِأَنَّ الْمُقِرَّ أَقَرَّ فِي حَقِّهِ وَحَقِّ شَرِيكِهِ فَقُبِلَ إِقْرَارُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَرُدَّ عَلَى شَرِيكِهِ، وَهَذَا وَجْهٌ. وَلَوْ قِيلَ يُلْزَمُ إِقْرَارَهُ فِي النِّصْفِ كُلِّهِ كَانَ لَهُ وَجْهٌ مُحْتَمَلٌ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا كَانَتِ الدَّارُ مُشَاعَةً بَيْنَ رَجُلَيْنِ فَأَقَرَّ أَحَدُهُمَا بِبَيْتٍ مِنْهُ لِرَجُلٍ فَكَذَّبَهُ الشَّرِيكُ يَكُونُ إِقْرَارُهُ مَرْدُودًا مَا لَمْ يَقْتَسِمَا، فَإِذَا اقْتَسَمَا وَصَارَ الْبَيْتُ لِلْمُقِرِّ لَهُ لَزِمَهُ بِالْإِقْرَارِ الْمُتَقَدِّمِ تَسْلِيمُهُ إِلَى الْمُقَرِّ لَهُ، وَلَوْ صَارَ الْبَيْتُ لِلشَّرِيكِ ضُرِبَ لِلْمُقَرِّ لَهُ مَعَ الْمُقِرِّ بِقِيمَةِ الْبَيْتِ فِيمَا صَارَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>