للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَتْ لَهُ بِزَوْجَةٍ وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِ وَلِلسَّيِّدِ فِي الْحَالَيْنِ بَيْعُهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ بِإِنْكَارِ الشِّرَاءِ. فَهَذَا حُكْمُهَا إِنْ لَمْ يَكُنِ الْوَاطِئُ قَدْ أَحْبَلَهَا.

فَصْلٌ

: فَأَمَّا إِذَا كَانَ الْوَاطِئُ قَدْ أَحْبَلَهَا وَأَوْلَدَهَا فَهِيَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ وَدَعْوَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا تَتَضَمَّنُ أَحْكَامًا: فَدَعْوَى السَّيِّدِ الشِّرَاءَ تَتَضَمَّنُ اسْتِحْقَاقَ الثَّمَنِ وَأَنَّ الْأَمَةَ أُمُّ وَلَدٍ وَأَنَّ الْأَوْلَادَ أَحْرَارٌ لِأَنَّهُ يَجْعَلُ الْوَاطِئَ مَالِكًا ودعوى الواطئ الزوجة تَتَضَمَّنُ إِقْرَارًا بِالْمَهْرِ وَثُبُوتًا لِلزَّوْجِيَّةِ وَأَنَّ الْأَمَةَ وَأَوْلَادَهُ مِنْهَا مَرْقُوقُونَ لِلسَّيِّدِ فَيُلْزَمُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَا ضَرَّهُ مِنْ دَعْوَاهُ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا مَا يَنْفَعُهُ لِأَنَّهُ مَتْهُومٌ فِيمَا نَفَعَهُ فَصَارَ مُدَّعِيًا لَهُ وَغَيْرَ مَتْهُومٍ فِيمَا ضَرَّهُ فَصَارَ مُقِرًّا بِهِ وَالَّذِي يَضُرُّ السَّيِّدَ مِنْ دَعْوَاهُ حُرِّيَّةُ الْأَوْلَادِ وَكَوْنُ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ وَالَّذِي يَنْفَعُهُ اسْتِحْقَاقُ الثَّمَنِ فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي ادِّعَاءِ الثَّمَنِ وَلَزِمَهُ عِتْقُ الْأَوْلَادِ وَكَوْنُ الْأَمَةِ أُمَّ وَلَدٍ، وَمِثَالُهُ مِنَ الْأُصُولِ الَّتِي تَشْهَدُ لَهُ أَنْ يَدَّعِيَ بَيْعَ عَبْدِهِ بِأَلْفٍ عَلَى رَجُلٍ قَدْ أَعْتَقَهُ وَمَنَعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ فَيُنْكِرُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ الشِّرَاءَ وَالْعِتْقَ فَيَصِيرُ الْعَبْدُ حُرًّا عَلَى السَّيِّدِ بِإِقْرَارِهِ وَإِنْ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي اسْتِحْقَاقِ ثَمَنِهِ. وَكَمَنِ ادَّعَى عَلَى زَوْجَتِهِ أَنْ خَالَعَهَا بِأَلْفٍ عَلَيْهَا فَأَنْكَرَتْ لَزِمَهُ الطَّلَاقُ وَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي ادِّعَاءِ الْمَالِ.

وَالَّذِي يَضُرُّ الْوَاطِئَ مِنْ دَعْوَاهُ الْإِقْرَارُ بِالْمَهْرِ لِأَنَّ السَّيِّدَ لَا يَدَّعِيهِ، وَالَّذِي يَنْفَعُهُ ادِّعَاءُ الزَّوْجِيَّةِ وَثُبُوتُ النِّكَاحِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَعَلَى الْوَاطِئِ الْيَمِينُ لِلسَّيِّدِ فِي إِنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ السَّيِّدُ مِنَ الشِّرَاءِ وَالثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَهُ بِذَلِكَ لَزِمَهُ، وَهَلْ تَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ الْيَمِينُ لِلْوَاطِئِ فِي إِنْكَارِ مَا ادَّعَاهُ الْوَاطِئُ مِنَ الزَّوْجِيَّةِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ لِأَنَّ فِي تَصْحِيحِ الزَّوْجِيَّةِ إِزَالَةُ الضَّرَرِ عَنْهُ فِي إِيقَاعِ الْحُرِّيَّةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ عَنْ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَصَدَّقَ الْوَاطِئَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشِّرَاءِ وَلَا فِي التَّصْدِيقِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى إِنْكَارِهِ لَمْ تُرَدَّ الْيَمِينُ عَلَى الْوَاطِئِ فِي إِثْبَاتِ الزَّوْجِيَّةِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ أَصَحُّ أن اليمين عليه واجبة لإنكاره ما لَا يَجْعَلُ ثُبُوتَهُ رَافِعًا لِضَرَرِهِ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَجَعَ عَنْ مَا ادَّعَاهُ مِنَ الشِّرَاءِ وَصَدَّقَ الْوَاطِئَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي الرُّجُوعِ عَنِ الشِّرَاءِ وَقُبِلَ فِي التَّصْدِيقِ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ وَكَانَتْ فِي الْحُكْمِ أُمَّ وَلَدٍ وَأَوْلَادُهَا أَحْرَارٌ، وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ عَلَى إِنْكَارِهِ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ رُدَّتْ عَلَى الْوَاطِئِ فَإِذَا حَلَفَ حُكِمَ لَهُ بِالزَّوْجِيَّةِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا تَقَرَّرَ مَا وَصَفْنَا وَالْتَزَمَا مِنَ الْأَيْمَانِ مَا بَيَّنَّا تَوَجَّهَ الْكَلَامُ بَعْدَهُ فِي أَرْبَعَةِ أَحْكَامٍ:

أَحَدُهَا: لُزُومُ الْمَهْرِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>