للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْمِيرَاثُ فَهُوَ ثَلَاثَةُ مَوَارِيثَ: مِيرَاثُ الْوَاطِئِ وَمِيرَاثُ الْأَوْلَادِ وَمِيرَاثُ الْأُمِّ.

فَأَمَّا مِيرَاثُ الْوَاطِئِ فَلِأَوْلَادِهِ لِكَوْنِهِمْ أَحْرَارًا وَلَا شَيْءَ لِلْأُمِّ فِيهِ لِأَنَّ أَحْسَنَ أَحْوَالِهَا أَنْ تَكُونَ أُمَّ وَلَدٍ يَتَحَرَّرُ عِتْقُهَا بِمَوْتِهِ.

وَأَمَّا مِيرَاثُ الْأَوْلَادِ فَلِأَبِيهِمْ إِنْ كَانَ حَيًّا وَلَا شَيْءَ لِأُمِّهِمْ فِيهِ لِأَنَّهَا قَبْلَ مَوْتِ الْأَبِ فِي حُكْمِ أُمِّ الْوَلَدِ، وَإِنْ كَانَ مَوْتُ الْأَوْلَادِ بَعْدَ مَوْتِ الْأَبِ فَلِلْأُمِّ الثُّلُثُ مِنْ تَرِكَتِهِمْ لِأَنَّهَا قَدْ صَارَتْ حُرَّةً بِمَوْتِ أَبِيهِمْ ثُمَّ الْبَاقِي بَعْدَهُ لِعَصَبَتِهِ إِنْ كَانَ لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَمَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ يَسْتَحِقُّ بِالْوَلَاءِ الْمَوْقُوفِ. وَأَمَّا مِيرَاثُهَا فَإِنْ كَانَ مَوْتُهَا بَعْدَ عِتْقِهَا بِمَوْتِ الْوَاطِئِ فَموروثٌ لِأَوْلَادِهَا إِنْ كَانُوا، وَإِنْ لَمْ يَكُونُوا فَمَوْقُوفٌ لِأَنَّهُ يُسْتَحَقُّ بِالْوَلَاءِ الْمَوْقُوفِ.

وَإِنْ كَانَ مَوْتُهَا قَبْلَ عِتْقِهَا بِمَوْتِ الْوَاطِئِ فَلَا مِيرَاثَ لِأَوْلَادِهَا لِأَنَّ أُمَّ الْوَلَدِ لَا تُورَثُ وَيَكُونُ مَوْقُوفًا بَيْنَ الْوَاطِئِ وَالسَّيِّدِ لِأَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ بِالْمِلْكِ لَا بِالْإِرْثِ وَالْمِلْكُ مَوْقُوفٌ فَإِنْ طَلَبَ السَّيِّدُ بَاقِي ثَمَنِهَا مِنَ الْمَوْقُوفِ مِنْ مَالِهَا حِينَ قُضِيَ لَهُ عَلَى الْوَاطِئِ الْمَهْرُ الَّذِي هُوَ أَقَلُّ أَوْ طَلَبَ جَمِيعَ الثَّمَنِ حِينَ لَمْ يُقْضَ لَهُ عَلَى الْوَاطِئِ بِشَيْءٍ فَلَهُ ذَلِكَ، وَيُدْفَعُ إِلَيْهِ تَعْلِيلًا لِمَا ذَكَرْنَا فِي الشَّاهِدَيْنِ إِذَا طَلَبَا ثَمَنَ الْعَبْدِ الَّذِي ابْتَاعَاهُ بعدما شهدا بعتقه مما ترك بعد موته.

فَصْلٌ

: إِذَا ادَّعَى رجلٌ جَارِيَةً فِي يَدِ غَيْرِهِ فَجَحَدَهَا صَاحِبُ الْيَدِ وَنَكَلَ عَنِ الْيَمِينِ فَحَلَفَ الْمُدَّعِي وَاسْتَحَقَّ الْجَارِيَةَ وَأَوْلَدَهَا وَلَدًا ثُمَّ قَالَ: كَذَبْتُ فِي دَعْوَايَ وَيَمِينِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي رَدِّ الْجَارِيَةِ عَلَى الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْحُكْمِ وَالْأَوْلَادُ أَحْرَارٌ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِنْهُ قِيمَتُهَا وَقِيمَةُ أَوْلَادِهَا لِإِقْرَارِهِ بِمِلْكِهَا لِلْمَحْكُومِ عَلَيْهِ لِأَنَّهَا صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ فِي الْحُكْمِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطَأَهَا إلا أن يشتريها منه لأنه يدفع الْقِيمَة لَا يَصِيرُ مَالِكًا لِأَنَّهُ يُغَرَّمُ قِيمَةَ مُسْتَهْلَكٍ فَإِذَا اشْتَرَى قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ سَقَطَتِ الْقِيمَةُ لِأَنَّ الْمُسْتَحَقَّ عَنْهَا بَدَلٌ وَاحِدٌ وَإِنِ اشْتَرَاهَا بَعْدَ دَفْعِ الْقِيمَةِ كَانَتِ الْقِيمَةُ قِصَاصًا من ثمنها وتراجعا الفصل وبالله التوفيق.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ قَالَ لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ فَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حَلَفَ صَاحِبُهُ مَعَ نُكُولِهِ وَاسْتَحَقَّ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ. إِذَا قَالَ جَوَابًا عَنِ الدَّعْوَى: لَا أُقِرُّ وَلَا أُنْكِرُ، فَلَيْسَ هَذَا جَوَابًا بِإِقْرَارٍ وَلَا إِنْكَارًا وَهُوَ كَالْمَسْكُوتِ مِنْهُ عَنِ الْجَوَابِ فَيَقُولُ لَهُ الْحَاكِمُ: إِنْ أَجَبْتَ عَنِ الدَّعْوَى بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ: إِمَّا بِإِقْرَارٍ أَوْ إِنْكَارٍ وَإِلَّا جَعَلْنَاكَ نَاكِلًا وَرُدَّتِ الْيَمِينُ عَلَى خَصْمِكَ. يَقُولُ لَهُ ذَلِكَ مَرَّةً وَاحِدَةً وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: وَإِنْ كَرَّرَهُ ثَلَاثًا فَحَسَنٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>