للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزُّبَيْرِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا يَكُونُ إِقْرَارًا وَبِهِ قَالَ أَهْلَ الْعِرَاقِ لِأَنَّ هَاءَ الْكِنَايَةِ فِي الْجَوَابِ تَرْجِعُ إِلَى مَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّعْوَى.

وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا يَكُونُ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ قَدْ يَزِنُ وَيُعْطِي مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ أَجَابَ عَنِ الدَّعْوَى بِأَنْ قَالَ: صِحَاحٌ لَمْ يَكُنْ إِقْرَارًا وَلَوْ قَالَ: هِيَ صِحَاحٌ قَالَ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ: يَكُونُ إِقْرَارًا لِأَنَّهُ إِقْرَارٌ بِصِفَتِهَا فَصَارَ إِقْرَارًا بِهَا لِأَنَّ الْإِقْرَارَ بِالصِّفَةِ إِقْرَارٌ بِالْمَوْصُوفِ وَقَالَ جُمْهُورُ أَصْحَابِنَا: لَا يَكُونُ إِقْرَارًا لِأَنَّهَا صِفَةٌ تَرْجِعُ إِلَى الْمَذْكُورِ مِنَ الدَّعْوَى وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صِفَةً لإقرار لم يذكر.

[فصل]

: وإذ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِأَنَّ مَشِيئَةَ اللَّهِ رَافِعَةٌ لِحُكْمِ مَا نِيطَ بِهَا وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ مَا فِي حِسَابِي أَوْ مَا خَرَجَ بِخَطِّي أَوْ مَا أَقَرَّ بِهِ زَيْدٌ عَنِّي فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إِقْرَارٌ يُلْزِمُ لِأَنَّهُ مُحِيلٌ بِالْإِقْرَارِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَيْسَ بِمُقِرٍّ.

فَلَوْ قَالَ: مَا شَهِدَ بِهِ زَيْدٌ عَلَيَّ فَهُوَ لَازِمٌ لِي، وَلَمْ يَصِرْ مُقِرًّا بِمَا شَهِدَ بِهِ فَإِنْ كَمُلَتْ بِزَيْدٍ بَيِّنَةُ عَدْلٍ حُكِمَ عَلَيْهِ بِشَهَادَتِهِ دُونَ إِقْرَارِهِ وَقَالَ مَالِكٌ يَلْزَمُهُ جَمِيعُ مَا شَهِدَ بِهِ زَيْدٌ وَإِنْ لَمْ تَصِرْ بَيِّنَةً مَسْمُوعَةً لِأَنَّهُ أَلْزَمَ ذَلِكَ نَفْسَهُ وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا ذَكَرْنَا مِنْ أَنَّهُ إذا لم تكم بِزَيْدٍ بَيِّنَةُ عَدْلٍ فَهِيَ حِوَالَةٌ بِالْإِقْرَارِ.

فَصْلٌ

: وإذا قال: لفلان علتي أَلْفٌ إِنْ شَاءَ لَمْ يَكُنْ مُقِرًّا لِأَنَّهُ على الْإِقْرَارَ بِصِفَةٍ فَصَارَ كَقَوْلِهِ إِنْ قَدِمَ زَيْدٌ أَوْ مَاتَ عَمْرٌو وَلَوْ قَالَ: لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ إِنْ مُتُّ كَانَ عِنْدَ أبي حنيفة إِقْرَارًا مَاتَ أَوْ عَاشَ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِإِقْرَارٍ مَاتَ أَوْ عَاشَ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْإِقْرَارِ بِشَرْطٍ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ خَبَرٌ عَنْ شَكٍّ وَقَالَ أبو حنيفة: عَلَيْهِ أَلْفٌ لِأَنَّهُ رَاجِعٌ عَنْهَا بَعْدَ إِثْبَاتِهَا وَالتَّعْلِيلُ بِالشَّكِّ فِي نَفْيِ اللُّزُومِ أَصَحُّ لِأَنَّهُ أَلْيَقُ بِالْكَلَامِ وَأَشْبَهُ بِمَفْهُومِ الْخِطَابِ فَلَوْ قَالَ: عَلَيَّ أَلْفٌ لِزَيْدٍ أَوْ عَمْرٍو فَفِيهِ وَجْهَانِ.

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِوَاحِدٍ مِنْهُمَا لِأَنَّهُ شَكَّ فِي الْإِقْرَارِ لَهُ فَصَارَ كَقَوْلِهِ لَهُ عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَكُونُ مُقِرًّا لِأَحَدِهِمَا بِالْأَلْفِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ فَيُؤْخَذُ بِالْبَيَانِ وَلَا يَسْقُطُ الْإِقْرَارُ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِوَاحِدٍ مِنْ عَبْدَيْنِ لَمْ يَبْطُلْ إِقْرَارُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِتَعْيِينِ الْمُقَرِّ بِهِ كَذَا إِذَا أَقَرَّ لِوَاحِدٍ مِنْ رَجُلَيْنِ لَمْ يَبْطُلْ إِقْرَارُهُ مَعَ الْجَهْلِ بِتَعْيِينِ الْمُقَرِّ لَهُ وَخَالَفَ قَوْلُهُ: عَلَيَّ أَلْفٌ أَوْ لَا لِكَوْنِهِ شَاكًّا فِي ثُبُوتِ الْإِقْرَارِ وَسُقُوطِهِ وَهُوَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مُتَيَقِّنٌ لِلْإِقْرَارِ شَاكٌّ فِي مُسْتَحِقِّهِ فَافْتَرَقَا وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>