للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَرْدُودٌ كَدَعْوَاهُ الْقَضَاءَ وَاسْتِثْنَائِهِ الْكُلَّ وَدَلِيلُنَا هُوَ أَنَّ عَقْدَ الْمُعَاوَضَةِ يَجْمَعُ ثَمَنًا وَمُثَمَّنًا، فَلَمَّا كَانَ إِقْرَارُهُ بِالْمُثَمَّنِ مِنْ عَبْدٍ بَاعَهُ غَيْرَ لَازِمٍ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِقَبْضِ ثَمَنِهِ، كَذَلِكَ إِقْرَارُهُ بِثَمَنِ عَبْدٍ ابْتَاعَهُ غَيْرُ لَازِمٍ لَهُ إِلَّا أَنْ يُقِرَّ بِقَبْضِ الْعَبْدِ الَّذِي ابْتَاعَهُ. وَتَحْرِيرُهُ قِيَاسًا أَنَّهُ أَحَدُ نَوْعَيْ مَا تَضَمَّنَهُ مِنْ عِوَضٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ لُزُومُ الْإِقْرَارِ بِهِ لَهُ مَوْقُوفًا عَلَى لُزُومِ مَا فِي مُقَابَلَتِهِ قِيَاسًا عَلَى الْبَيْعِ وَخَالَفَ اسْتِثْنَاءُ الْكُلِّ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الْإِقْرَارِ وَفِي ادِّعَائِهِ الْقَضَاءَ مُتَّصِلًا بِالْإِقْرَارِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: يُقْبَلُ وَيَسْتَوِيَانِ.

وَالثَّانِي: لَا يُقْبَلُ وَيَفْتَرِقَانِ مِنْ حَيْثُ إِنَّ الثَّمَنَ قَبْلَ الْقَبْضِ غَيْرَ لَازِمٍ أَدَاؤُهُ فَقُبِلَ فِيهِ قَوْلُهُ وَالدَّيْنُ لَازِمٌ فَلَمْ يُقْبَلْ فِي الْقَضَاءِ قَوْلُهُ. فَلَوِ ادَّعَى الْبَائِعُ تَسْلِيمَ الْعَبْدِ الَّذِي بَاعَهُ اسْتَوْجَبَ قَبْضَ ثَمَنِهِ وَأَنْكَرَهُ الْمُشْتَرِي لَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ فِي التَّسْلِيمِ قَوْلًا وَاحِدًا بِخِلَافِ مُدَّعِي الْقَضَاءَ فِيمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ مُدَّعِيَ الْقَضَاءِ لَا يَثْبُتُ بِدَعْوَاهُ حَقٌّ فَجَازَ أَنْ يقبل قوله ومدعي تسليم المبيع ويثبت فِي دَعْوَاهُ حَقًّا فَلَمْ يُقْبَلْ قَوْلُهُ.

فَصْلٌ

: وَلَوْ قَالَ: أَقْرَضَنِي فَلَانٌ أَلْفًا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْهَا، كَانَ قَوْلُهُ عِنْدَنَا مَقْبُولًا وَلَا يَلْزَمُهُ الْأَلْفُ.

وَقَالَ أبو حنيفة وَصَاحِبَاهُ: لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَالْأَلْفُ لَازِمَةٌ لَهُ.

وَهَذَا خَطَأٌ لِمَا بَيَّنَاهُ فِي الْإِقْرَارِ بِثَمَنِ الْمَبِيعِ لِأَنَّ الْقَرْضَ يُلْزَمُ بِالْقَبْضِ فَإِذَا لَمْ يُصَرِّحْ بِهِ الْمُقِرُّ فِي إِقْرَارِهِ فَلَيْسَ بِمُقِرٍّ بِلُزُومِهِ وَاللَّهُ أعلم بالصواب.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ شَهِدَ شاهدٌ عَلَى إِقْرَارِهِ بألفٍ وَآخَرُ بِأَلْفَيْنِ فَإِنْ زَعَمَ الَّذِي شَهِدَ بِالْأَلْفِ أَنَّهُ شَكَّ فِي الْأَلْفَيْنِ وَأَثْبَتَ أَلْفًا فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ ألفٌ بِشَاهِدَيْنِ فَإِنْ أَرَادَ الْأَلْفَ الْأُخْرَى حَلَفَ مَعَ شَاهِدِهِ وَكَانَتْ لَهُ وَلَوْ قَالَ أَحَدُ الشَّاهِدَيْنِ مِنْ ثَمَنِ عبدٍ وَقَالَ الْآخَرُ مِنْ ثَمَنِ ثيابٍ فَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ الأَلْفَيْنِ غَيْرُ الْأَلْفِ فَلَا يَأْخُذُ إِلَّا بيمينٍ مَعَ كُلِّ شاهدٍ مِنْهُمَا ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ. إِذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فَشَهِدَ لَهُ شَاهِدٌ عَلَى الْإِقْرَارِ بِأَلْفٍ وَشَهِدَ آخَرُ عَلَى إِقْرَارِهِ بِأَلْفَيْنِ فَلَا يَخْلُو حَالُ الشَّهَادَةِ من أحد أمرين: إما أن يختلف جهاتها. أو لا يختلف.

فَإِنِ اخْتَلَفَتْ جِهَاتُهُمَا فَشَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَلْفٍ مِنْ ثَمَنِ عَبْدٍ وَشَهِدَ الْآخَرُ بِأَلْفَيْنِ مِنْ ثَمَنِ دَارٍ فَلَمْ يَجْتَمِعِ الشَّاهِدَانِ عَلَى أَحَدِ الْحَقَّيْنِ لِأَنَّ ثَمَنَ الْعَبْدِ غَيْرَ ثَمَنِ الدَّارِ فَاخْتَلَفَا وَيُقَالُ لِلْمَشْهُودِ لَهُ: احْلِفْ إِنْ شِئْتَ مَعَ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَاسْتَحَقَّ مَا شَهِدَ بِهِ فَإِنْ حَلَفَ مَعَهُمَا حُكِمَ لَهُ بِثَلَاثَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>