للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِالْغُرُورِ إِلَى الْتِزَامِ ذَلِكَ وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْهُ إِنْ كَانَ عَالِمًا وَهَذَا أَصَحُّ الْمَذَاهِبِ اطِّرَادًا وَأَقْوَاهَا حِجَاجًا ثُمَّ لَا رُجُوعَ لِلْمُشْتَرِي بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَلَى ضَامِنِ الدَّرْكِ بِحَالٍ لِأَنَّهُ رُجُوعٌ بِغُرْمٍ وَجَبَ بِالْغُرُورِ وَلَيْسَ يضمن مستحق العقد.

[مسألة:]

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو أقر أعجمي بأعجمية كان كالإقرار بالعربية العقل فهو على الصحة حتى يعلم غيرها ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَاخْتِلاَفِ ألْسِنَتَكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ} (الروم: ٢٢) ، وَلِأَنَّ الْكَلَامَ مَوْضُوعٌ لِيُبَيِّنَ الْمُتَكَلِّمُ بِهِ عَنْ غَرَضِهِ فَاسْتَوَى فِيهِ كُلُّ كَلَامٍ فُهِمَ عَنْ قَائِلِهِ، وَلِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ إِيمَانُ الْأَعْجَمِيِّ بِلِسَانِهِ كَالْعَرَبِيِّ اقْتَضَى أَنْ يَكُونَ إِقْرَارُهُ بِلِسَانِهِ كَالْعَرَبِيِّ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَسَوَاءٌ أَقَرَّ بِالْأَعْجَمِيَّةِ وَهُوَ يُحْسِنُ الْعَرَبِيَّةَ أَمْ لَا فِي لُزُومِ إِقْرَارِهِ لَهُ، وَهَكَذَا الْعَرَبِيُّ إِذَا أَقَرَّ بِالْأَعْجَمِيَّةِ لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ فَأَمَّا الْعَرَبِيُّ الَّذِي لَا يُحْسِنُ بِالْأَعْجَمِيَّةِ إِذَا أَقَرَّ بِالْأَعْجَمِيَّةِ أَنَّهُ يُسْأَلُ: هَلْ قَصَدَ مَا تَكَلَّمَ بِهِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ: أَعْرِفُهُ، لَزِمَهُ إِقْرَارُهُ، وَإِنْ قَالَ: لَسْتُ أَعْرِفُهُ وَإِنَّمَا جَرَى لِسَانِي بِهِ قُبِلَ مِنْهُ وَلَمْ يَلْزَمْهُ. وَهَكَذَا الْأَعْجَمِيُّ إِذَا أَقَرَّ بِالْعَرَبِيَّةِ سُئِلَ، فَإِنْ قَالَ: عَرَفْتُ مَعْنَى مَا تَكَلَّمْتُ بِهِ لَزِمَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ لَمْ يَلْزَمْهُ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا ثَبَتَ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْأَعْجَمِيَّةِ لَازِمٌ لَمْ يَخْلُ حَالُ الْحَاكِمِ الْمُقَرِّ عِنْدَهُ مِنْ أَنْ يَكُونَ عَارِفًا بِلِسَانِهِ أَمْ لَا.

فَإِذَا كَانَ عَارِفًا بِهِ اكْتَفَى بِمَعْرِفَتِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهُ احْتَاجَ إِلَى تُرْجُمَانٍ يُتَرْجِمُ لَهُ مَا تَكَلَّمَ بِهِ وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِ، فَقَالَ أبو حنيفة: يُجَزِئُ تُرْجُمَانٌ وَاحِدٌ وَأَجْرَاهُ مَجْرَى الْخَبَرِ.

قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَا يجزي أَقَلُّ مِنْ تُرْجُمَانَيْنِ اعْتِبَارًا بِالشَّهَادَةِ لِمَا فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ إِثْبَاتٍ لِمَا لَمْ يَعْلَمْهُ لِيُجْبَرَ عَلَى الْحُكْمِ وَخَالَفَ مَعْنَى الْخَبَرِ الَّذِي يَسْتَوِي فيه المُخْبِرُ والمُخْبَرُ.

مسألة

قال الشافعي رضي الله عنه: " ولو شهدوا على إقراره ولم يقولوا بأنه صحيح ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا صَحِيحٌ وَالْأَوْلَى بِالشُّهُودِ إِذَا شَهِدُوا عَلَى إِقْرَارِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ وَلَمْ يَسْتَوْفُوا الشَّهَادَةَ بِمَا يَنْفِي عَنْهَا الِاحْتِمَالَ فَيَقُولُونَ: أَشْهَدْنَا وَهُوَ صَحِيحُ الْعَقْلِ جَائِزُ التَّصَرُّفِ فَإِنْ أَطْلَقُوا الشَّهَادَةَ فَلَمْ يَذْكُرُوا فِيهَا صِحَّةَ الْعَقْلِ وَجَوَازَ الْأَمْرِ جَازَ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِهَا مَا لَمْ يَعْلَمْ خِلَافَهَا.

وَقَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى: لَا يَجُوزُ لَهُ الْحُكْمُ بِهَا لِاحْتِمَالٍ أَنْ يَكُونَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ مَجْنُونًا أَوْ مُكْرَهًا. وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

<<  <  ج: ص:  >  >>