للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ لَا يُوقَفُ مِنَ التَّرِكَةِ شَيْءَ لِفَوَاتِ الْبَيَانِ بِمَا يَسْتَدْرِكُ بِهِ مِنَ الْمُقِرُّ فِي حَيَاتِهِ وَمِنَ الْقَافَةِ مِنْ بَعْدِهِ وَلَا يَكُونُ عِلْمُنَا بِأَنَّ فِيهِمِ ابْنًا مُوجِبًا لِوَقْفِ مِيرَاثِهِ عِنْدَ فَوَاتِ الْبَيَانِ كَالْعَرَبِيِّ إِذَا مَاتَ مَجْهُولَ الْعُصْبَةِ لَا يُوقَفُ مِيرَاثُهُ إِذَا مَاتَ وَإِنْ عَلِمْنَا أَنَّ لَهُ فِي الْعَرَبِ عُصْبَةً وَكَانَ الْجَهْلُ بِأَقْرَبَ عُصْبَتِهِ مُسْقِطًا لِحُكْمِ عُصْبَتِهِ، وَلِأَنَّهُ لَوْ جَازَ أَنْ يُوقَفَ بَعْضُ التَّرِكَةِ لِأَنَّ فِي الثَّلَاثَةِ ابْنًا لَجَازَ أَنْ يُوقَفَ مِنْ مِيرَاثِ مَنْ مَاتَ مِنَ الثَّلَاثَةِ لِأَنَّ فِيهِمِ ابْنًا لِأَنَّ مَنْ كَانَ وَارِثًا كَانَ مَوْرُوثًا، فَأَمَّا وَقْفُ مِيرَاثِ الزَّوْجَةِ الْمَجْهُولَةِ مِنَ الْأَرْبَعِ فَوَاجِبٌ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّنَا فِي الزوجات على يقين من ثبوت الزوجة ووقف الْمِيرَاثِ لَهُنَّ، وَلَسْنَا عَلَى يَقِينٍ مِنْ ثُبُوتِ النَّسَبِ فَلَمْ يَقِفِ الْمِيرَاثُ بَيْنَهُمْ.

فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَانِ الْوَجْهَانِ فَإِنْ قُلْنَا بِسُقُوطِ الْوَقْفِ وَتَعْجِيلِ الْقِسْمَةِ نُظِرَ فَإِنْ حُكِمَ بِثُبُوتِ نَسَبِ الْأَصْغَرِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ فَالتَّرِكَةُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الِابْنِ المعروف وإن لم يحكم بثبوت نسبه كانت التركة كلها للابن لمعروف.

وَإِنْ قُلْنَا يُوقَفُ الْمِيرَاثُ، وُقِفَ نِصْفُ التَّرِكَةِ وَكَانَ نِصْفُهَا لِلِابْنِ الْمَعْرُوفِ إِنْ لَمْ يُحْكَمْ بِثُبُوتِ نَسَبِ الْأَصْغَرِ. فَإِنْ حُكِمَ بِثُبُوتِ نَسَبِهِ كَانَ بَيْنَهُمَا.

وَهَكَذَا وَقْفُ الْمِيرَاثِ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنْ وَلَدِ إِحْدَى الِاثْنَتَيْنِ عَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

مَسْأَلَةٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَتَجُوزُ الشَهَادَةُ أَنَّهُمْ لَا يَعْرِفُونَ لَهُ وَارِثًا غَيْرَ فلانٍ إِذَا كَانُوا مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الْبَاطِنَةِ وَإِنْ قَالُوا بَلَغَنَا أَنَّ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ لَمْ يُقَسَّمِ الْمِيرَاثُ حَتَّى يُعْلَمَ كَمْ هُوَ فَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ دُعِيَ الْوَارِثُ بِكَفِيلٍ لِلْمِيرَاثِ وَلَا نَجْبُرُهُ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ: إِذَا ادَّعَى رَجُلٌ مِيرَاثَ مَيِّتٍ وَشَهِدَ لَهُ شَاهِدَانِ بِاسْتِحْقَاقِ ميراثه لم تسمع الشهادة منهما حتى يذكر أن مَا اسْتَحَقَّ بِهِ مِيرَاثَهُ مِنْ سَبَبٍ أَوْ نَسَبٍ لِاخْتِلَافِ الْفُقَهَاءِ فِي الْمَوَارِيثِ الْمُسْتَحَقَّةِ وَالْأَحَقِّ بِهَا مِنَ الْوَرَثَةِ فَإِذَا شَهِدَا بِمَا يَصِيرُ بِهِ وَارِثًا مِنْ نَسَبٍ أَوْ سَبَبٍ يستحق به فرضاً أو تعصيباً لم يخلو حَالُ شَهَادَتِهِمَا مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتَ مِيرَاثِ الْمُدَّعِي وَنَفْيَ مِيرَاثِ غَيْرِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتَ مِيرَاثِهِ وَمِيرَاثَ غَيْرِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتَ مِيرَاثِهِ وَلَا يَتَضَمَّنَ ذِكْرَ غَيْرِهِ فِي إِثْبَاتِ وَلَا نَفْيٍ.

فَأَمَّا الْقِسْمُ الْأَوَّلُ وَهُوَ أَنْ يَتَضَمَّنَ إِثْبَاتَ مِيرَاثِهِ وَنَفْيَ مِيرَاثِ غَيْرِهِ فَصُورَتُهُ أَنْ يَقُولَ الشَّاهِدَانِ: نَشْهَدُ أَنَّ فُلَانًا هَذَا وَارِثُ فُلَانِ الْمَيِّتِ وأن الْمَيِّتِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ فَيَصِيرَانِ

<<  <  ج: ص:  >  >>