للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قولين فِيمَنْ أَبَاحَ أَكْلَ طَعَامٍ غَصَبَهُ فَأُغْرِمَ الْآكِلُ قِيمَتَهُ هَلْ يَرْجِعُ الْآكِلُ عَلَى الْغَاصِبِ بِمَا غَرِمَهُ أَمْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ نَذْكُرُهُمَا فِي كِتَابِ الْغَصْبِ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا قَبَضَ الْمُسْتَعِيرُ الْأَرْضَ لِلْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ ثُمَّ رَجَعَ لِلْمُعِيرِ فَإِنْ كَانَ رُجُوعُهُ قَبْلَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ مُنِعَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ غَرْسِهَا وَبِنَائِهَا فَإِنْ بَنَى بَعْدَ رُجُوعِهِ أَوْ غَرَسَ كَانَ فِي حُكْمِ الْغَاصِبِ فَيُؤاخَذُ بِقَلْعِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ مَعَ أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَتَسْوِيَةِ الْأَرْضِ فَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ بَعْدَ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِحْدَاثُ زِيَادَةٍ فِي غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ فَإِنْ أَحْدَثَ زِيَادَةً فِي غَرْسِهِ وَبِنَائِهِ فَإِنْ أَخَذَ بَقْلَهَا فَأَمَّا مَا تَقَدَّمَ مِنَ الْغَرْسِ والبناء قبل الرجوع فللمعير حالتان:

أحدهما: أَنْ يَكُونَ قَدْ شَرَطَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ حِينَ أعاره أن يقلع غرسه وبنائه عِنْدَ رُجُوعِهِ فَيُؤْخَذُ الْمُسْتَعِيرُ بِقَلْعِ ذَلِكَ لِلشَّرْطِ الْمُتَقَدِّمِ لِقَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - " الْمُؤْمِنُونَ عِنْدَ شُرُوطِهِمْ " وَلِأَنَّ رِضَاهُ بِهَذَا الشَّرْطِ الْتِزَامٌ لِلضَّرَرِ الدَّاخِلِ عَلَيْهِ بِالْقَلْعِ فَكَانَ هُوَ الضَّارُّ لِنَفْسِهِ وَلَمْ يَكُنْ مَضْرُورًا بِغَيْرِهِ. وَالْحَالَةُ الثَّانِيَةُ: أَلَّا يَشْتَرِطَ الْمُعِيرُ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ الْقَلْعَ بَعْدَ الرُّجُوعِ فَهَذَا عَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ قِيمَةُ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ مَقْلُوعًا كَقِيمَتِهِ قَائِمًا أَوْ أَكْثَرَ فَيُؤاخَذُ الْمُسْتَعِيرُ بِالْقَلْعِ لِأَنَّ الْعَارِيَةَ لَا تَلْزَمُ وَالضَّرَرُ بِالْقَلْعِ مُرْتَفِعٌ.

وَالضَّرْبُ الثَّانِي: أَنْ تَكُونَ قِيمَتُهُ مَقْلُوعًا أَقَلَّ، فَإِنْ بَدَّلَ المعير قيمته قائماً أو بدل نقص ما بَيْنَ قِيمَتِهِ مَقْلُوعًا وَقَائِمًا مُنِعَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ إِقْرَارِهِ حِينَئِذٍ وَخُيِّرَ بَيْنَ قَلْعِهِ أَوْ أَخْذِ قِيمَتِهِ أَوْ أَرْشِ نَقْصِهِ لِأَنَّ مَا يَخَافُهُ مِنَ النَّقْصِ بِالْقَلْعِ قَدْ زَالَ بِبَذْلِ الْقِيمَةِ أَوِ الْأَرْشِ فَلَوْ بَذَلَ الْمُسْتَعِيرُ قِيمَةَ الْأَرْضِ وَبَذَلَ الْمُعِيرُ قِيمَةَ الْغَرْسِ كَانَ الْمُعِيرُ أَحَقَّ مِنَ الْمُسْتَعِيرِ لِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْأَرْضَ أَصْلٌ وَالْغَرْسَ تَبَعٌ فَكَانَ مِلْكُ الْأَصْلِ أَقْوَى.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ أَسْبَقُ مِلْكًا وَقِيلَ لِلْمُسْتَعِيرِ لَا يجوز مع زوال الضرر عند أَنْ يُدْخِلَ الضَّرَرَ عَلَى الْمُعِيرِ بِالتَّرْكِ فَإِنْ أُخِذَتِ الْقِيمَةُ وَإِلَّا أُجْبِرَ عَلَى الْقَلْعِ فَإِذَا قَلَعَ فَهَلْ تَلْزَمُهُ تَسْوِيَةُ الْأَرْضَ بَعْدَ الْقَلْعِ أَمْ لَا؟ عَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا يَلْزَمُهُ لِأَنَّهُ مَأْذُونٌ فِيهِ فَأَشْبَهَهُ بلي الثَّوْبِ بِاللُّبْسِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: يَلْزَمُهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ قَلَعَ بِاخْتِيَارِهِ بَعْدَ زَوَالِ الْعَارِيَةِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْجَأَ إليه فصار مأخوذاً بنقصه.

[فصل]

: فأما إذا امْتَنَعَ الْمُعِيرُ مِنْ بَذْلِ قِيمَةِ الْغَرْسِ وَامْتَنَعَ الْمُسْتَعِيرُ مِنَ الْقَلْعِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِهِ عَلَى ثَلَاثَةِ مَذَاهِبَ:

أَحَدُهَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حنيفة أَنَّهُ يُؤْخَذُ بِالْقَلْعِ سَوَاءٌ كَانَتْ مُدَّةُ العارية مقدرة أو مطلقة لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - العارية مؤداةٌ.

<<  <  ج: ص:  >  >>