للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَاقِصَةً وَسَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ بِجِنَايَةٍ أَوْ حَادِثَةٍ وَسَوَاءٌ كَانَتِ الْبَهِيمَةُ ذَاتَ ظَهْرٍ أَوْ دَرٍّ وَقَالَ أبو حنيفة:

إِنْ كَانَ حَيَوَانًا يُنْتَفَعُ بِهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ كَذَاتِ ظَهْرٍ لَا دَرَّ لَهَا مِثْلَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ أَوْ ذَاتَ دَرٍّ لَا ظَهْرَ لَهَا كَالْغَنَمِ ضَمِنَهَا بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا كَقَوْلِنَا: وَإِنْ كَانَ يَنْتَفِعُ بِهَا مِنْ جِهَتَيْنِ كَظَهْرٍ وَدَرٍّ كَالْإِبِلِ وَالْبَقَرِ كَانَ فِي إِحْدَى عَيْنَيْهِ رُبْعُ قِيمَتِهِ وَسَائِرِ أَعْضَائِهِ مَا نَقَصَ اسْتِدْلَالًا بِمَا رَوَاهُ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ حَكَمَ فِي إِحْدَى عَيْنَيْ بَقَرَةٍ بِرُبْعِ قِيمَتِهَا وَهَذَا خَطَأٌ لِأَنَّ مَا لَمْ تُضْمَنْ أَعْضَاؤُهُ بِمُقَدَّرٍ لَمْ تُضْمَنْ عَيْنُهُ بِمُقَدَّرٍ قِيَاسًا عَلَى سَائِرِ الْأَعْضَاءِ وَمَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَلَا دَلِيلَ فِيهِ لِأَنَّهَا قَضِيَّةٌ وَافَقَتِ الْحُكُومَةُ فيها ربع القيمة.

[فصل]

: وقال مَالِكٌ: إِذَا قَطَعَ ذَنَبَ حِمَارِ الْقَاضِي كَانَ عَلَيْهِ جَمِيعُ قِيمَتِهِ وَلَوْ كَانَ لِغَيْرِ الْقَاضِي لَزِمَهُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ اسْتِدْلَالًا بِأَنَّ فِي قَطْعِ ذَنَبِ حِمَارِهِ غَضَاضَةً عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَوَهَنٌ فِي الدِّينِ وَحَسْبُكَ بِقُبْحِ هَذَا الْقَوْلِ دَلِيلًا عَلَى فَسَادِهِ وَلَوْ جَازَ أَنْ يَجِبَ فِي ذَنَبِ حِمَارِهِ جَمِيعَ الْقِيمَةِ لَوَجَبَ ذَلِكَ فِي تَحْرِيقِ ثِيَابِهِ وَالتَّعَدِّي فِي قُمَاشِهِ وَلَتَضَاعَفَتِ الْجِنَايَةُ عَلَيْهِ عَلَى الْجِنَايَةِ عَلَى غَيْرِهِ وَلَكَانَ كُلُّ مَا اخْتَصَّ بِهِ زَائِدًا فِي الْحُكْمِ عَلَى مَنْ سِوَاهُ وَفِي اتِّفَاقِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ الْقَاضِيَ وَغَيْرَهُ فِي ضَمَانِ مَا اسْتَهْلَكَهُ أَوْ جَنَى عَلَيْهِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ وَغَيْرُهُ عَلَى سَوَاءٍ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى حِمَارِهِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْآدَمِيُّ وَالْعَبْدُ الَّذِي يُضْمَنُ بِالْجِنَايَةِ وَالْيَدِ فَلِضَمَانِ نَقْصِهِ ثَلَاثَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يُضْمَنَ بِالْيَدِ وَحْدَهَا.

وَالثَّانِي: أَنْ يُضْمَنَ بِالْجِنَايَةِ وَحْدَهَا.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يُضْمَنَ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ مَعًا. فَأَمَّا الْحَالَةُ الْأَوْلَى وَهُوَ أَنْ يُضْمَنَ بِالْيَدِ دُونَ الْجِنَايَةِ فَصُورَتُهُ أَنْ يَغْصِبَ عَبْدًا فَيَحْدُثُ بِهِ مَرَضٌ يُذْهِبُ مِنْهُ عَيْنَهُ أَوْ تَتَآكَلُ مِنْهُ يَدُهُ أَوْ يُنْهَكُ بَدَنُهُ فَإِنَّهُ يَكُونُ مَضْمُونًا عَلَى غَاصِبِهِ بِمَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ سَوَاءٌ كَانَ النَّقْصُ فِي عُضْوٍ مُقَدَّرٍ بِالْأَرْشِ كَالْعَيْنِ وَالْيَدِ أَوْ غَيْرِ مُقَدَّرٍ كَنُحُولِ الْجَسَدِ لِأَنَّهُ لَمَّا كَانَ مُلْحَقًا فِي ضَمَانِ الْيَدِ بِالْبَهَائِمِ دُونَ الْأَحْرَارِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مَضْمُونًا بِقَدْرِ النَّقْصِ كَالْبَهَائِمِ دُونَ الْأَحْرَارِ وَسَوَاءٌ زَادَ عَلَى ضَمَانِ الْجِنَايَةِ أَوْ نَقَصَ حَتَّى لَوْ ذَهَبَتْ إِحْدَى عَيْنَيْهِ فَنَقَصَ مِنْ قِيمَتِهِ الثُّلُثُ لَمْ يَلْزَمْهُ أَكْثَرُ مِنْهُ وَلَوْ نَقَصَهُ الثُّلْثَانِ لَمْ يَقْتَصِرْ عَلَى أَقَلَّ مِنْهُ، وَذَكَرَ ابْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ سَوَّى بَيْنَ ضَمَانِ الْيَدِ وَضَمَانِ الْجِنَايَةِ فِي التَّقْدِيرِ وَهُوَ خطأ لما ذكرنا.

[فصل]

: فأما الحالة الثَّانِيَةُ: وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِالْجِنَايَةِ دُونَ الْيَدِ فَصُورَتُهُ: أَنَّهُ يَرْمِي عَبْدًا فَيَقْلَعُ إِحْدَى عَيْنَيْهِ أَوْ يَقْطَعُ يَدَهُ أَوْ يَجْرَحُ جَسَدَهُ فَكُلُّ مَا لَمْ يَتَقَدَّرْ مِنَ الْحُرِّ وَكَانَ فِيهِ حكومة

<<  <  ج: ص:  >  >>