للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْحُرِّ ضُمِنَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى ضَمَانِ النَّفْسِ. وَلِأَنَّ كُلَّ جِنَايَةٍ أَوْجَبَتِ الزِّيَادَةَ عَلَى ضَمَانِ النَّفْسِ فِي الْحُرِّ أَوْجَبَتِ الزِّيَادَةَ عَلَى ضَمَانِ النَّفْسِ فِي الْعَبْدِ قِيَاسًا عَلَى تَكْرَارِ الْجِنَايَةِ بَعْدَ الِانْدِمَالِ وَلِهَذِهِ الْمَعَانِي امْتُنِعَ أَنْ يُلْحَقَ بِضَمَانِ الْأَمْوَالِ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ فَخَطَّأٌ لِأَنَّ الْمَأْخُوذَ بَدَلٌ مِنَ الْأَطْرَافِ الْفَانِيَةِ وَلَيْسَ بِبَدَلٍ مِنَ النَّفْسِ الْبَاقِيَةِ كَالْحُرِّ الَّذِي تُؤْخَذُ دِيَاتُ أَطْرَافِهِ مَعَ بَقَاءِ نَفْسِهِ وَلَا يَكُونُ جَمْعًا بَيْنَ بدل ومبدل.

وأما الحالة الثَّالِثَةُ: وَهُوَ أَنْ يَضْمَنَهُ بِالْيَدِ وَالْجِنَايَةِ جَمِيعًا. فَصُورَتُهَا أَنْ يَغْصِبَ عَبْدًا فَيَقْطَعُ يَدَهُ فَلَا يَخْلُو حَالُ قَاطِعِهَا مِنْ أَنْ يَكُونَ الْغَاصِبُ أَوْ غَيْرُهُ، فَإِنْ قَطَعَهَا الْغَاصِبُ فَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا بِأَكْثَرِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ ضَمَانِ الْيَدِ أَوْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ لِأَنَّ إِحْدَى الْيَدَيْنِ مَضْمُونَةٌ فِي الْجِنَايَةِ بِنِصْفِ الْقِيمَةِ وَفِي الْغَصْبِ بِمَا نَقَصَ مِنَ الْقِيمَةِ، فَإِذَا كَانَ النَّاقِصُ مِنْ قِيمَتِهِ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْغَصْبِ لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ بِالْغَصْبِ مِنْ غَيْرِ جِنَايَةٍ لَضَمِنَ جَمِيعَ نِصْفِهِ، فَإِذَا صَارَ مَعَ الْغَصْبِ جَانِيًا فَأَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ، وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ مِنْ قِيمَتِهِ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ بِالْجِنَايَةِ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَإِذَا صَارَ مَعَ الْجِنَايَةِ غاصباً فَأَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ وَإِنْ كَانَ النَّاقِصُ مِنْ قِيمَتِهِ أَقَلُّ مِنَ النِّصْفِ ضَمِنَهُ ضَمَانَ الْجِنَايَةِ لِأَنَّهُ لَوِ انْفَرَدَ بِالْجِنَايَةِ مِنْ غَيْرِ غَصْبٍ ضَمِنَ نِصْفَ قِيمَتِهِ فَإِذَا صَارَ مَعَ الْجِنَايَةِ غَاصِبًا فَأَوْلَى أَنْ يَضْمَنَهُ وَإِنْ كَانَ الْجَانِي غَيْرُ الْغَاصِبِ فَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْغَاصِبِ بِأَكْثَرِ الأخرين مِنْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ أَوْ ضَمَانِ الْغَصْبِ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَى الْجَانِي ضَمَانَ الْجِنَايَةِ دُونَ الْغَصْبِ وَهُوَ بِالْخِيَارِ بَيْنَ الرُّجُوعِ عَلَى الْجَانِي أَوِ الْغَاصِبِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْجِنَايَةِ وَضَمَانِ الْغَصْبِ مِنْ ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَسَاوَيَا فَيَكُونُ النَّاقِصُ مِنْ قِيمَتِهِ بِقَطْعِ إِحْدَى يَدَيْهِ النِّصْفَ فَلَهُ الْخِيَارُ فِي الرُّجُوعِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَإِنْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ الْغَاصِبُ بِهِ عَلَى الْجَانِي وَإِنْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْجَانِي لَمْ يَرْجِعِ الْجَانِي بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

وَالْقِسْمُ الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ ضَمَانُ الْجِنَايَةِ أَكْثَرُ مِنْ ضَمَانِ الْغَصْبِ مِثْلَ أَنْ يَكُونَ النَّاقِصُ مِنْ قِيمَتِهِ الثُّلُثُ فَلَهُ الرُّجُوعُ بِضَمَانِ الْجِنَايَةِ وَهُوَ نِصْفُ الْقِيمَةِ عَلَى أَيِّهِمَا شَاءَ فَلَوْ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ الْغَاصِبُ بِهِ عَلَى الْجَانِي وإن رجع بِهِ عَلَى الْجَانِي لَمْ يَرْجِعْ بِهِ الْجَانِي عَلَى الْغَاصِبِ.

وَالْقِسْمُ الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ ضَمَانُ الْغَصْبِ أَكْثَرَ مِنْ ضَمَانِ الْجِنَايَةِ مِثْلَ أَنْ يَنْقُصَ مِنْ قِيمَتِهِ الثُّلُثَانِ فَإِذَا أَرَادَ الرُّجُوعَ بِهِ عَلَى الْغَاصِبِ رَجَعَ عَلَيْهِ بِثُلُثَيِ الْقِيمَةِ وَهُوَ ضَمَانُ الْغَصْبِ

<<  <  ج: ص:  >  >>