للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يُرْجَعُ بِغُرْمِهِ عَلَى غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ الْغَاصِبُ هُوَ الَّذِي أَوْلَدَهَا أَخَذَهَا وَمَا نَقَصَهَا وَمَهْرَ مِثْلِهَا وَجَمِيعَ وَلَدِهَا وَقِيمَةَ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا وَعَلَيْهِ الْحَدُّ إِنْ لَمْ يَأْتِ بشبهةٍ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: اعْلَمْ أَنَّ الشَّافِعِيَّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَكَرَ هُنَا مَسْأَلَتَيْنِ:

إِحْدَاهُمَا: فِي وَطْءِ الْمُشْتَرِي فَقَدَّمَهَا الْمُزَنِيُّ: وَالثَّانِيَةُ: فِي وَطْءِ الْغَاصِبِ فَأَخَّرَهَا الْمُزَنِيُّ وَتَقْدِيمُهَا أَوْلَى لِأَنَّهَا مُقَدَّمَةٌ لِوَطْءِ المشتري فإذا وطء الْغَاصِبُ الْجَارِيَةَ الْمَغْصُوبَةَ لَمْ يَخْلُ حَالُهُ مِنْ أحر أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ تَكُونَ لَهُ شُبْهَةٌ أَوْ لَا شُبْهَةَ لَهُ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ شبهة ووطئها عالماً بتحريم الزنا وإن وطء الْمَغْصُوبَةِ زِنًا فَعَلَيْهِ الْحَدُّ لِكَوْنِهِ زَانِيًا وَالْوَلَدُ إن جاءت به مملوك ولا يحلق به لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: الْوَلَدُ لِلْفِرَاشِ وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ وَهُوَ مَضْمُونٌ عَلَيْهِ إِنْ مَاتَ أَكْثَرَ مَا كَانَ قِيمَةً وَإِنْ وَضَعَتْ وَلَدًا مَيِّتًا فَفِي ضَمَانِهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: يَكُونُ مَضْمُونًا بِقِيمَتِهِ لَوْ كَانَ حَيًّا كَمَا يَضْمَنُهُ بِالْجِنَايَةِ إِذَا سَقَطَ مَيِّتًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيمَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا وَلَعَلَّ هَذَا قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ الْأَصَحُّ وَبِهِ قَالَ أَبُو عَلِيِّ بْنُ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ لَا يَكُونُ مَضْمُونًا لِأَنَّنَا لَمْ نَعْلَمْ لَهُ حَيَاةً مُتَيَقِّنَةً حَتَّى يُضْمَنَ بِالتَّلَفِ وَيَسْتَقِرَّ عَلَيْهِ حُكْمُ الْمِلْكِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالْجِنَايَةِ أَنَّ فِي الْجِنَايَةِ مُبَاشَرَةً تَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِهَا وَلَيْسَ فِي الْغَصْبِ مُبَاشَرَةً يَتَعَلَّقُ الْحُكْمُ بِهَا، أَلَا تَرَى لَوْ غَصَبَ حُرًّا فَمَاتَ لَمْ يَضْمَنْ وَلَوْ جَنَى عَلَيْهِ ضَمِنَ، وَيَكُونُ تَأْوِيلُ قَوْلِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقِيمَةُ مَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا إِذَا عَلِمَ مَوْتَهُ بَعْدَ حَيَاتِهِ فَأَمَّا الْمَهْرُ فَلَا تَخْلُو الْأَمَةُ مِنْ أَنْ تَكُونَ مُطَاوِعَةً أَوْ مُسْتَكْرَهَةً فَإِنْ كانت مستكرهة وجب المهر عليها وسقط الحد عنها وإن كانت مطاوعة حد وَفِي وُجُوبِ الْمَهْرِ عَلَيْهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: وَهُوَ قَوْلُ أَبِي الْعَبَّاسِ بْنِ سُرَيْجٍ إنَّ الْمَهْرَ عَلَيْهِ وَاجِبٌ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِسَيِّدِهَا فَلَا يَسْقُطُ بِمُطَاوَعَتِهَا كَمَا لَوْ بَذَلَتْ قَطْعَ يَدِهَا لَمْ يَسْقُطْ عَنِ الْقَاطِعِ دِيَتُهَا.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَقَوْلُ جمهور أصحابه أنه لا مه لها عليه لأنها بالمطاوعة تكون بغي وَقَدْ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - عَنْ مَهْرِ الْبَغِيِّ وَخَالَفَ قَطْعُ الْيَدَيْنِ مِنْهَا لِأَنَّ الْقَطْعَ نَقْصٌ دَخَلَ عَلَى بَدَنِهَا وَقِيمَتِهَا وَلَيْسَ الْوَطْءُ نَقْصٌ فِي بَدَنِهَا وَلَا قِيمَتِهَا، ثُمَّ إِنْ كَانَتْ بِكْرًا فَعَلَيْهِ أَرْشُ بَكَارَتِهَا بِالِافْتِضَاضِ لِأَنَّهُ اسْتِهْلَاكُ جُزْءٍ مِنْهَا وَهَكَذَا يَلْزَمُهُ غُرْمُ مَا نَقَصَ مِنْ قِيمَتِهَا بِالْوِلَادَةِ فَإِنْ تطاول زمان غصبها حتى يكون لمثله أُجْرَةٌ فَعَلَيْهِ أُجْرَةُ مِثْلِهَا لِأَنَّ مَنَافِعَ الْمَغْصُوبَةِ مَضْمُونَةٌ فَإِنْ مَاتَتْ فِي يَدِهِ ضَمِنَ جَمِيعَ قِيمَتُهَا أَكْثَرُ مَا كَانَتْ قِيمَةً مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ وَسَقَطَ عَنْهُ أَرْشُ الْبَكَارَةِ وَنَقْصِ الْوِلَادَةِ لِأَنَّهُمَا قَدْ دَخَلَا فِي ضمان

<<  <  ج: ص:  >  >>