للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَدَلِيلُنَا رِوَايَةُ الشَّافِعِيِّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ أَيُّوبَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مراتٍ أُولَاهُنَّ أَوْ آخِرُهُنَّ بِالْتُرَابِ ". وَرَوَى مُطَرِّفٌ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُغَفَّلِ أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - قَالَ: " إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي الْإِنَاءِ فَاغْسِلْهُ سَبْعَ مراتٍ وَعَفِّرُوا الثِّامِنَةَ بِالْتُرَابِ ".

وَرَوَى هُبَيْرَةُ عَنْ عَلِيٍّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " إِذَا وَلَغَ الْكَلْبُ فِي إِنَاءِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْسِلْهُ سَبْعَ مراتٍ إِحْدَاهُنَّ بِالْبَطْحَاءِ ".

وَكُلُّ هَذِهِ نُصُوصٌ فَدَلَّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فَإِنْ قَالُوا يُحْمَلُ أَمْرُهُ بِالسَّبْعِ عَلَى مَنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ، أَنَّ نَجَاسَةَ الْوُلُوغِ لَا تَزُولُ بِأَقَلَّ مِنْ سَبْعٍ فَعَنْهُ جَوَابَانِ.

أَحَدُهُمَا: إِنَّ نَجَاسَةَ الْوُلُوغِ لَيْسَتْ عَيْنًا مُؤَثِّرَةً فَيُرْجَعُ فِي زَوَالِهَا إِلَى غَلَبَةِ الظَّنِّ فِيهَا.

وَالثَّانِي: إِنَّ مَا كَانَ مُعْتَبَرًا بِغَلَبَةِ الظَّنِّ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ مَحْدُودًا بِالشَّرْعِ فَالشَّرْعُ كَالتَّقْوِيمِ فِي الْمُتْلَفَاتِ فَإِنْ قَالُوا: فَيُحْمَلُ السَّبْعُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ، وَالثَّلَاثُ عَلَى الْإِيجَابِ؛ لِأَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ وَهُوَ رَاوِي الْحَدِيثِ قَدْ أَفْتَى بِالثَّلَاثِ، وَهُوَ لَا يَجُوزُ أَنْ يُفْتِيَ بِخِلَافِ مَا رَوَى إِلَّا وَقَدْ عَقَلَ مَعْنَى الرِّوَايَةِ وَصَرَفَهَا عَنِ الْإِيجَابِ إِلَى الِاسْتِحْبَابِ، كَمَا حَمَلْتُمْ حَدِيثَ ابْنِ عُمَرَ عَلَى تَفْرِيقِ الْأَبْدَانِ؛ لِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ فَسَّرَهُ بِذَلِكَ. قُلْنَا: تَفْسِيرُ الرَّاوِي مَقْبُولٌ فِي أَحَدِ مُحْتَمِلَيِ الْخَبَرِ كَمَا يُقْبَلُ تَفْسِيرُ الرَّاوِي مِنَ الصَّحَابَةِ، فَأَمَّا أَنْ يُقْبَلَ فِي نَسْخٍ أَوْ تَخْصِيصٍ فَلَا كما لم

<<  <  ج: ص:  >  >>