للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَحَدُهُمَا: وَقَدْ نَقَلَهُ الْمُزَنِيُّ عَنِ الشَّافِعِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي جَامِعِهِ الْكَبِيرِ أَنْ تُقَوَّمَ الْأَرْضُ وَعَلَيْهَا التُّرَابُ الَّذِي أُخِذَ مِنْهَا ثُمَّ يقوم بَعْدَ أَخْذِهِ مِنْهَا وَيَضْمَنُ الْغَاصِبُ مَا بَيْنَ الْقِيمَتَيْنِ.

وَالْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّهُ يَضْمَنُ أَكْثَرَ الْأَمْرَيْنِ مِنْ هَذَا وَمِنْ قِيمَةِ التُّرَابِ بَعْدَ نَقْلِهِ عَنِ الْأَرْضِ. وَإِنْ كَانَ التُّرَابُ بَاقِيًا فَلِلْغَاصِبِ وَرَبِّ الْأَرْضِ أَرْبَعَةُ أَحْوَالٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى رَدِّهِ إِلَى الْأَرْضِ فَيَبْرَأُ الْغَاصِبُ مِنْهُ وَيَلْزَمُهُ بَعْدَ رَدِّهِ غُرْمُ نَقْصٍ إِنْ كَانَ فِي الْأَرْضِ وَأُجْرَةُ مِثْلِهَا فِي أَكْثَرِ الْحَالَيْنِ أُجْرَةً مِنْ كَوْنِهَا ذَاتَ تُرَابٍ أَوْ غَيْرِ ذات تراب إلى أن أخذ فِي رَدِّ التُّرَابِ فَأَمَّا أُجْرَتُهَا فِي زَمَانِ رَدِّ التُّرَابِ إِلَيْهَا فَإِنْ كَانَ رَدُّهُ بَعْدَ تَسْلِيمِ الْمَالِكِ لَهَا وَتَصَرُّفِهِ فِيهَا فَلَا أُجْرَةَ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَالِكِ لَهَا فعليه الأجرة.

والحالة الثَّانِيَةُ: أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى تَرْكِ التُّرَابِ خَارِجًا عَنْهَا وَأَنْ لَا يَرُدَّهُ إِلَيْهَا فَذَلِكَ لَهُمَا مَا لَمْ يَطْرَحِ التُّرَابَ فِي أَرْضٍ مَغْصُوبَةٍ ثُمَّ يُنْظَرُ فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ وَهَبَ لَهُ التُّرَابَ فَلَيْسَ لَهُ أَبَدًا فِي اسْتِرْجَاعِهِ وَرَدِّهِ حَقٌّ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَهَبْهُ لَهُ فَمَتَى طَالَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ بَرَدِّهِ كَانَ لَهُ وَأَخَذَ الْغَاصِبُ بِرَدِّهِ فَإِنْ طَالَبَهُ بِنَقْصِ الْأَرْضِ نَظَرَ. فَإِنْ كَانَ رَدُّ التُّرَابِ إِلَيْهَا يَمْنَعُ مِنَ النَّقْصِ فَلَيْسَ لَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالنَّقْصِ وَإِنْ كَانَ رَدُّ التُّرَابِ إِلَيْهَا لَا يَمْنَعُ مِنَ النَّقْصِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِالنَّقْصِ الْحَاصِلِ فِيهَا بعد رد التراب إليها.

والحال الثالث: أَنْ يَدْعُوَ رَبُّ الْأَرْضِ إِلَى رَدِّ التُّرَابِ إِلَيْهَا وَيَمْتَنِعَ الْغَاصِبُ فَيُؤْخَذُ الْغَاصِبُ جَبْرًا بِرَدِّ التُّرَابِ إِلَيْهَا فَإِنْ عَظُمَتْ مَؤُنَةُ رَدِّهِ وَتَضَاعَفَتِ الْكُلْفَةُ فِي نَقْلِهِ لِأَنَّهُ الْجَانِي عَلَى نَفْسِهِ بِعُدْوَانِهِ وَغَصْبِهِ سَوَاءٌ كَانَ لِلْمَالِكِ فِي رَدِّ التُّرَابِ نَفْعٌ أَمْ لَا بِخِلَافِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ قَبْلُ فِي قَلْعِ الشَّجَرِ وَالتَّزْوِيقِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ لِأَنَّ التُّرَابَ عَيْنٌ يَمْلِكُهَا فَكَانَ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا وَإِنْ لَمْ يَنْفَعْهُ كَمَنْ غَصَبَ عَبْدًا زَمِنًا لَا يَنْفَعُ سَيِّدَهُ وَهُوَ كَلٌّ عَلَيْهِ يَلْتَزِمُ نَفَقَتَهُ وَلَا يَرْجُو نَفْعَهُ فَإِنَّ الْغَاصِبَ مَأْخُوذٌ بِرَدِّهِ عَلَى مَالِكِهِ وَإِنْ ثقلت عليه مؤنة رده.

والحال الرابع: أَنْ يَدْعُوَ الْغَاصِبُ إِلَى رَدِّهِ وَيَمْتَنِعَ مِنْهُ الْمَالِكُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْمَالِكِ فِي مَنْعِهِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ: إِمَّا أَنْ يُبَرِّئَهُ مِنْ ضَمَانِ التُّرَابِ أَوْ لَا يُبْرِئُهُ فَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ رَدِّهِ وَلَمْ يُبَرِّئْهُ مِنْ ضَمَانِهِ فَلِلْغَاصِبِ رَدُّ التُّرَابِ وَحْدَهُ لِيَسْقُطَ عَنْهُ ضَمَانُهُ بِالرَّدِّ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَنْعِهِ وَإِنْ مَنَعَهُ مِنْ رَدِّهِ بَعْدَ إِبْرَائِهِ مِنْهُ فَلَا يَخْلُو حَالُ الْغَاصِبِ مِنْ أَحَدِ أَمْرَيْنِ:

إِمَّا أَنْ يَكُونَ فِي رَدِّهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ أَوْ لَا غَرَضَ لَهُ في رده صحيح وذلك من وجوه:

أحدها: أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ إِلَى أَرْضٍ أُخْرَى مَغْصُوبَةٍ فَيَرُدُّهُ لِيَبْرَأَ مِنْ غَصْبِهَا، وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ نَقَلَهُ إِلَى طَرِيقٍ سَابِلَةٍ تَضِيقُ عَنْهُ أَوْ لَا يَأْمَنُ أَنْ يَتْلَفَ بِهِ مَا يَضْمَنُهُ. وَمِنْهَا أَنْ يَكُونَ قَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>