للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نَقْلَهُ إِلَى مَسْجِدٍ لِلَّهِ تَعَالَى فَلَا يُقَرُّ عَلَى تَرْكِهِ فِيهِ، وَمِنْهَا أَنْ تَكُونَ الْأَرْضُ الَّتِي نُقِلَ التُّرَابُ عَنْهَا قَدْ صَارَتْ حُفَرًا لَا يُأْمَنُ ضَمَانُ مَا يَسْقُطُ فِيهَا فَهَذِهِ كُلُّهَا أَغْرَاضٌ صَحِيحَةٌ وَلِلْغَاصِبِ أَنْ يَرُدَّ التُّرَابَ لِأَجْلِهَا إِلَى الْمَكَانِ الَّذِي نَقَلَهُ عَنْهُ وَلَيْسَ لِلْمَالِكِ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِلْغَاصِبِ فِي رَدِّهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ لِحُصُولِ التُّرَابِ فِي أَرْضٍ أُخْرَى لِمَالِكِ التُّرَابِ أَوْ فِي مَوَاتٍ لَا يُمْنَعُ مِنْ تَرْكِهِ فِيهِ مُنِعَ الْغَاصِبُ مِنْ رَدِّهِ لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْعَابِ بَدَنِهِ وَأَعْوَانِهِ بِغَيْرِ نَفْعٍ يَرْجِعُ إِلَيْهِ وَرُبَّمَا كَانَ فِيهِ إِضْرَارٌ لِغَيْرِهِ وَهَذَا سَفَهٌ.

فَصْلٌ

: فأما المزني فإنه يمنع الغاصب من سد الْبِئْرِ وَرَدِّ التُّرَابِ إِذَا مَنَعَهُ الْمَالِكُ مِنَ السَّدِّ وَالرَّدِّ اسْتِشْهَادًا بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ نَسْجِ الْغَزْلِ ثَوْبًا وَضَرْبِ الطِّينِ لَبِنًا وَطَبْعِ النُّقْرَةِ دَنَانِيرَ فَنَبْدَأُ بِشَرْحِ الْمَذْهَبِ فِيمَا ذَكَرَهُ ثُمَّ بِالْكَلَامِ مَعَهُ، وَالْمَذْهَبُ فِي الْغَزَلِ إِذَا نَسَجَهُ الْغَاصِبُ ثَوْبًا وَالطِّينِ إِذَا ضَرَبَهُ لَبِنًا وَالنُّقْرَةِ إِذَا طَبَعَهَا دَنَانِيرَ أَنَّهُ مَتَى رَضِيَ الْمَالِكُ بِأَخْذِ الْغَزْلِ ثَوْبًا مَنْسُوجًا وَالطِّينِ لَبِنًا مَضْرُوبًا وَالنُّقْرَةِ دَنَانِيرَ مَطْبُوعَةً فَلَهُ ذَلِكَ وَلَيْسَ لِلْغَاصِبِ نَقْضُ الْغَزْلِ وَتَكْسِيرُ اللَّبِنِ وَسَبْكِ الدَّنَانِيرِ وَلَيْسَ لَهُ أَيْضًا أُجْرَةُ الْعَمَلِ. أَمَّا النَّقْضُ وَالتَّكْسِيرُ وَالسَّبْكُ لِمَا فِيهِ مِنْ إِتْعَابِ بَدَنِهِ وَأَعْوَانِهِ مِنْ غَيْرِ اجْتِلَابِ نَفْعٍ وَلَا دَفْعٍ لِضَرَرٍ. وَأَمَّا الْأُجْرَةُ فَلِأَمْرَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ قَدْ عَمِلَ عملاً وتعدى به المعتدي لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ أَجْرًا.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ عَمِلَهُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِلَ لِنَفْسِهِ فَلَا يَسْتَحِقُّ عَلَى غَيْرِهِ أَجْرًا فَلَوْ أَنَّ الْغَاصِبَ قَبْلَ تَسْلِيمِ ذلك إلى مالكه نقص الثَّوْبَ فَجَعَلَهُ غَزْلًا وَكَسَرَ اللَّبِنَ طِينًا وَسَبَكَ الدَّنَانِيرَ نُقْرَةً حَتَّى صَارَ عَلَى حَالِهِ الْأُولَى قَبْلَ الْغَصْبِ ضَمِنَ مَا بَيْنَ قِيمَةِ الثَّوْبِ مَنْسُوجًا وَغَزْلًا وَمَا بَيْنَ قِيمَةِ اللَّبِنِ مَضْرُوبًا وَطِينًا وَمَا بَيْنَ قِيمَةِ الدَّنَانِيرِ مَطْبُوعَةً وَنُقْرَةً لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ يَلْزَمُهُ تَسْلِيمُهَا حِينَ زَادَتْ بِعَمَلِهِ وَيُمْنَعُ مِنْ إِعَادَتِهَا إِلَى مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنْ قَبْلُ، فَلَزِمَهُ ضَمَانُ النَّقْصِ. فَأَمَّا رَبُّ الْغَزْلِ وَالطِّينِ وَالنُّقْرَةِ إِذَا طَالَبَ الْغَاصِبَ بِنَقْضِ الثَّوْبِ غَزْلًا وَتَكْسِيرِ اللَّبِنِ طِينًا وَسَبْكِ الدَّنَانِيرِ نُقْرَةً فَإِنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ غَرَضٌ صَحِيحٌ أُخِذَ الْغَاصِبُ بِهِ لِيَعُودَ ذَلِكَ كَمَا غَصَبَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ غَرَضٌ صحيح عَلَى مَا مَضَى مِنَ الْوَجْهَيْنِ.

فَصْلٌ

: وَأَمَّا الْكَلَامُ مَعَ الْمُزَنِيِّ فَيُقَالُ لَهُ إِنْ كُنْتَ تَمْنَعُ الغاصب من سد البئر ورد التراب مع ارْتِفَاعِ الْأَغْرَاضِ الصَّحِيحَةِ وَزَوَالِ الْمَقَاصِدِ الْوَاضِحَةِ فَنَحْنُ نُوَافِقُكَ عَلَيْهِ ولَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الشَّافِعِيِّ خِلَافٌ فِيهِ وَلَا يُشْتَبَهُ عَلَيْكَ الْخِلَافُ بِقَوْلِهِ فِي سَدِّ الْبِئْرِ نَفَعَهُ أَوْ لَمْ يَنْفَعْهُ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَوْ لَمْ يَنْفَعْهُ فِي الْحَالِ إِذَا كَانَ فِيهِ نَفْعٌ فِي ثَانِي حَالٍ وَإِنْ كُنْتَ أَرَدْتَ مَعَ الْغَاصِبِ مِنْ سَدِّ الْبِئْرِ وَرَدِّ التُّرَابِ مَعَ وُجُودِ الْمَقَاصِدِ الصَّحِيحَةِ فَنَحْنُ نُخَالِفُكَ فِيهَا وَنَمْنَعُ مَا ذَكَرْتَهُ أَنْ يَكُونَ دليلاً عليها لارتفاع الأغراض في نقص الْغَزْلِ وَتَكْسِيرِ اللَّبِنِ وَطَهُورِهِ فِي سَدِّ الْبِئْرِ وَرَدِّ التُّرَابِ وَلَيْسَ لَكَ إِدْخَالُ الضَّرَرِ عَلَى الْغَاصِبِ مَعَ زَوَالِهِ عَنِ الْمَغْصُوبِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>