للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

مِائَةٌ نُظِرَ قِيمَةَ الْأَرْضِ بَعْدَ بَسْطِ التُّرَابِ فيها فإن كانت ألف وَمِائَةً وَلَيْسَ فِي الْقِيمَتَيْنِ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ زِيَادَةٌ وَلَا نَقْصٌ عَلَى مَا قَبْلَ الِاجْتِمَاعِ فَيَصِيرُ الْغَاصِبُ شَرِيكًا لَهُ فِي الْأَرْضِ بِمِائَةٍ هِيَ قِيمَةُ تُرَابِهِ، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ أَلْفًا وَخَمْسِينَ فَقَدْ نَقَصَتْ عَنِ الْقِيمَتَيْنِ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ خَمْسُونَ فَيَكُونُ الْغَاصِبُ شَرِيكًا فِي الْأَرْضِ بِالْخَمْسِينَ الزَّائِدَةِ عَلَى الْأَلْفِ وَيَكُونُ النَّقْصُ دَاخِلًا عَلَيْهِ وَحْدَهُ لِضَمَانِهِ نَقْصَ الْأَرْضِ بِالتَّعَدِّي وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الْأَرْضِ أَلْفًا وَمِائَتَيْنِ فَقَدْ زَادَتْ عَلَى الْقِيمَتَيْنِ بَعْدَ الِاجْتِمَاعِ مِائَةً فَتَكُونُ الْمِائَةُ الزَّائِدَةُ بَيْنَهُمَا عَلَى قَدْرِ الْمَالَيْنِ فِي أَحَدَ عَشَرَ سَهْمًا لِحُدُوثِهَا عَنِ الْمَالَيْنِ مَعًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بالصواب.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَإِنْ غَصَبَ جَارِيَةً فَهَلَكَتْ فَقَالَ ثَمَنُهَا عشرةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا بِأَنَّ الْمَغْصُوبَ مَضْمُونٌ بِأَكْثَرِ قِيمَتِهِ فِي السُّوقِ وَالْبَدَنِ مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ.

وَقَالَ أبو حنيفة: وَهُوَ مَضْمُونٌ بِقِيمَتِهِ وَقْتَ الْغَصْبِ اعْتِبَارًا بِحَالِ التَّعَدِّي، وَهَذَا خَطَأٌ مِنْ وَجْهَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْتِدَامَةَ الْفِعْلِ كَابْتِدَائِهِ شَرْعًا وَلِسَانًا أَمَّا الشَّرْعُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) {النساء: ١٣٦) أَيِ اسْتَدِيمُوا الْإِيمَانَ. وَقَالَ تَعَالَى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمِ) {الفاتحة: ٦) أَيْ ثَبِّتْنَا عَلَى الْهِدَايَةِ إِلَيْهِ فَاسْتَوَى حُكْمُ الِابْتِدَاءِ وَالِاسْتِدَامَةِ فِي الْأَمْرِ وَالطَّلَبِ: وَأَمَّا اللِّسَانُ فَهُوَ أَنَّ مُسْتَدِيمَ الْغَصْبِ يُسَمَّى فِي كُلِّ حَالٍ غَاصِبًا، وَيُقَالُ قَدْ غَصَبَ وَإِنْ كَانَ قَدْ تَقَدَّمَ مِنْهُ الْغَصْبُ. وَالثَّانِي أَنَّ الْغَصْبَ عُدْوَانٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ كَالْجِنَايَةِ فَلَمَّا كَانَتْ سَرَايَةُ الْجِرَاحِ فِي الْجِنَايَةِ إِلَى تَلَفِ النَّفْسِ تُوجِبُ ضَمَانَ مَا حَدَثَ بَعْدَ الْجِرَاحِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْحَادِثُ بَعْدَ الْغَصْبِ فِي حُكْمِ الْمَوْجُودِ فِي حَالِ الْغَصْبِ، ثُمَّ هُوَ فِي الْغَصْبِ أَوْلَى مِنْهُ فِي الْجِنَايَةِ لِبَقَاءِ يَدِهِ فِي الْغَصْبِ وَارْتِفَاعِهَا فِي الْجِنَايَةِ، وَفِي مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْمَعَانِي الْمَاضِيَةِ مَعَهُ فِي زِيَادَةِ الْبَدَنِ دَلِيلٌ كَافٍ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ مَا وَصَفْنَا وَاخْتَلَفَا فِي الْمَغْصُوبِ فَهُوَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ:

أَحَدُهَا: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي قِيمَتِهِ.

وَالثَّانِي: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي تَلَفِهِ.

وَالثَّالِثُ: أَنْ يَخْتَلِفَا فِي مِثْلِهِ. فَأَمَّا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ وَهُوَ اخْتِلَافُهُمَا فِي قِيمَتِهِ فَعَلَى ضَرْبَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنْ يَكُونَ اخْتِلَافُهُمَا فِي الْقِيمَةِ مَعَ اتِّفَاقِهِمَا فِي الصِّفَةِ، فَيَقُولُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>