للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إِلَى وُجُودِ الْمِثْلِ ثُمَّ رَجَعَ مُطَالِبًا بِالْقِيمَةِ قَبْلَ الْوُجُودِ فَذَلِكَ لَهُ لِتَعَجُّلِ حَقِّهِ بِخِلَافِ الْمُسَلَّمِ فِي الشَّيْءِ إِلَى مُدَّةٍ يَنْقَطِعُ فِيهَا فَرَضِيَ الْمُسَلَّمُ بِالصَّبْرِ إِلَى وُجُودِهِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ قَبْلَهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ تَعَذُّرَ وُجُودِ السِّلْمِ عَيْبٌ فَإِذَا ارْتَضَى بِهِ لَزِمَهُ ذَلِكَ بِالْعَقْدِ، وَصَبْرَ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ إِلَى وُجُودِ الْمِثْلِ إِنْظَارٌ وَتَأْجِيلُ تَطَوُّعٍ بِهِ فَلَمْ يَلْزَمْ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا كَانَ عَلَى الْعَبْدِ الْمَغْصُوبِ ثِيَابٌ أَوْ حُلِيٌّ، بَعْدَ غَصْبِهِ، فَادَّعَاهَا الْمَغْصُوبُ مِنْهُ لِأَنَّهَا فِي يَدِ عَبْدِهِ، وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ هِيَ لِي فَالْقَوْلُ فِيهَا قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يمنيه لِأَنَّ الْعَبْدَ وَمَا عَلَيْهِ فِي يَدِ الْغَاصِبِ.

[مسألة]

قال الشافعي رضي الله عنه: " وَلَوْ كَانَ لَهُ كيلٌ أَوْ وزنٌ فَعَلَيْهِ مِثْلُ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ ذَكَرْنَا أن ماله مِثْلٌ فَهُوَ مَضْمُونٌ فِي الْغَصْبِ بِالْمَثَلِ، وَمَا لَا مِثْلَ لَهُ فَهُوَ مَضْمُونٌ بِالْقِيمَةِ. فَأَمَّا حَدُّ مَا لَهُ مِثْلٌ فَقَدْ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَا كَانَ لَهُ كَيْلٌ أَوْ وَزْنٌ فَعَلَيْهِ مِثْلُ كَيْلِهِ أَوْ وَزْنِهِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِنْهُ حَدًّا لِمَا لَهُ مِثْلٌ لِأَنَّ كُلَّ ذِي مِثْلٍ مَكِيلٌ أَوْ مَوْزُونٌ لَهُ مِثْلٌ. وَإِنَّمَا ذَكَرَ الشَّافِعِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ذَلِكَ شَرْطًا فِي الْمُمَاثَلَةِ عِنْدَ الْغُرْمِ وَلَمْ يَجْعَلْهُ حَدًّا لِمَا لَهُ مِثْلٌ، وَحَدُّ مَا لَهُ مِثْلٌ أَنْ يَجْتَمِعَ فِيهِ شَرْطَانِ: تَمَاثُلُ الْأَجْزَاءِ وَأَمْنُ التَّفَاضُلِ، فَكُلُّ مَا تَمَاثَلَتْ أَجْزَاؤُهُ وَأُمِنَ تَفَاضُلُهُ فَلَهُ مِثْلٌ كَالْحُبُوبِ وَالْأَدْهَانِ، فَإِنْ كَانَ مَكِيلًا كَانَ الْكَيْلُ شَرْطًا فِي مُمَاثَلَتِهِ دُونَ الْوَزْنِ وَإِنْ كَانَ مَوْزُونًا كَانَ الْوَزْنُ شَرْطًا فِي مُمَاثَلَتِهِ دُونَ الْكَيْلِ، فَأَمَّا مَا اخْتَلَفَتْ أَجْزَاؤُهُ كَالْحَيَوَانِ وَالثِّيَابِ أَوْ خِيفَ تَفَاضُلُهُ كَالثِّمَارِ الرَّطْبَةِ فَلَا مِثْلَ لَهُ وَتَجِبُ قِيمَتُهُ.

فَصْلٌ

: فَإِذَا ثَبَتَ تَحْدِيدُ ذِي الْمِثْلِ بِمَا وَصَفْنَا فَعُدِمَ الْمَثْلُ وَلَمْ يُوجَدْ وَجَبَ الْعُدُولُ إِلَى الْقِيمَةِ لِأَنَّهَا مِثْلٌ فِي الشَّرْعِ لِمَا لَيْسَ لَهُ مِثْلٌ، وَكَذَا يَكُونُ مِثْلًا عِنْدَ عَدَمِ الْمِثْلِ، ثُمَّ فِي الْقِيمَةِ قَوْلَانِ حَكَاهُمَا أَبُو حَفْصِ بْنُ الْوَكِيلِ:

أَحَدُهُمَا: يُرْجَعُ إِلَى قِيمَةِ الْأَصْلِ الْمَغْصُوبِ فِي أَكْثَرِ مَا كَانَ قِيمَةً مِنْ وَقْتِ الْغَصْبِ إِلَى وَقْتِ التَّلَفِ. وَالْقَوْلُ الثَّانِي: يُرْجَعُ إِلَى قِيمَةِ الْمِثْلِ، لِأَنَّ الْمِثْلَ هُوَ الْمُسْتَحَقُّ بِالْغَصْبِ ثُمَّ قِيمَةُ الْمِثْلِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الأمكنة، واختلاف الأزمة فإن للمثمن في كل بلد ثمن، وَفِي كُلِّ زَمَانٍ ثَمَنا. فَأَمَّا الْمَكَانُ الَّذِي يَسْتَحِقُّ اعْتِبَارُ الْقِيمَةِ فِيهِ فَهُوَ الْمَوْضِعُ الَّذِي كَانَ الْغَصْبُ فِيهِ لِأَنَّ الْمِثَلَ لَوْ كَانَ مَوْجُودًا لَاسْتَحَقَّ تَسْلِيمُهُ فِي مَكَانِ الْغَصْبِ وَكَذَا قِيمَتُهُ، وَإِنْ كَانَ الْمُثَمَّنُ مَغْصُوبًا بِالْبَصْرَةِ، اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بِالْبَصْرَةِ وَإِنْ كَانَ بِبَغْدَادَ اعْتُبِرَتْ قِيمَتُهُ بِبَغْدَادَ وَعِنْدِي مِنْ وَقْتِ التَّلَفِ إِلَى وَقْتِ الْعَدَمِ وَأَمَّا زَمَانُ الْقِيمَةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ:

أَحَدُهُمَا: ذكره أبو عي الطَّبَرِيُّ فِي إِفْصَاحِهِ، أَنَّهُ تُعْتَبَرُ قِيمَتُهُ أَكْثَرَ مَا كَانَتْ قِيمَتُهُ مِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>