للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الَّتِي لَا حَقَّ لِلْغَاصِبِ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَقَلَّ مِنْ عِشْرِينَ دِرْهَمًا رَجَعَ عَلَى الغاصب بعد أخذه بقدر نقصه فَلَوْ قَالَ الْغَاصِبُ أَذِنْتَ لِي فِي صَبْغِهِ وَأَنْكَرَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ وَيَرْجِعُ عَلَى الْغَاصِبِ بِقَدْرِ النَّقْصِ فَلَوْ قَالَ أَذِنْتُ لَكَ ثُمَّ رَجَعْتُ فِي الْإِذْنِ قَبْلَ صَبْغِكَ. وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ كُنْتَ إِلَى حِينِ الصَّبْغِ عَلَى إِذْنِكَ فَفِيهِ وَجْهَانِ ذَكَرْنَاهُمَا فِي الرَّهْنِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ.

وَالثَّانِي: الْقَوْلُ قَوْلُ الْغَاصِبِ. فَأَمَّا إِنِ اخْتَلَفَا فِي الصَّبْغِ فَقَالَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ هُوَ لِي وَقَالَ الْغَاصِبُ بَلْ هُوَ لِي. فَإِنْ كَانَ الصَّبْغُ مِمَّا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْغَاصِبِ مَعَ يَمِينِهِ لِأَجْلِ يَدِهِ وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ اسْتِخْرَاجُهُ فَالْقَوْلُ فِيهِ قَوْلُ الْمَغْصُوبِ مِنْهُ مَعَ يَمِينِهِ لِأَنَّهُ قد صار مستهلك فِي الثَّوْبِ فَجَرَى مَجْرَى أَجْزَائِهِ. فَأَمَّا صِبَاغُ الثَّوْبِ بِالْأَجْرِ إِذَا اخْتَلَفَ هُوَ وَرَبُّ الثَّوْبِ فِي الصَّبْغِ فَقَالَ رَبُّ الثَّوْبِ الصَّبْغُ لِي وَقَالَ الصَّبَّاغُ الصَّبْغَ لِي فَإِنْ كَانَ الصَّبَّاغُ أَجِيرًا مُنْفَرِدًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ رَبِّ الثَّوْبِ فِي الصَّبْغِ وَإِنْ كَانَ أَجِيرًا مُشْتَرَكًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الصَّبَّاغِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا أَنَّ الْيَدَ فِي الْأَجِيرِ الْمُنْفَرِدِ لِرَبِّ الثَّوْبِ وَفِي الْمُشْتَرَكِ لِلْأَجِيرِ.

فَصْلٌ: قصر الثوب بعد الغصب وغسله

فَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَغَسْلَهُ أَوْ قَصَرَهُ رَدَّهُ مَغْسُولًا وَمَقْصُورًا وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي زِيَادَةِ الْغَسْلِ وَالْقِصَارَةِ وَلَوْ نَقْصَ بِهِمَا ضَمِنَ النُّقْصَانَ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمُفْلِسِ حِينَ يَكُونُ شَرِيكًا فِي زِيَادَةِ الْقِصَارَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ وَبَيْنَ الْغَاصِبِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا غَلَطَ فَسَوَّى بَيْنَهُمَا، هُوَ أَنَّ زِيَادَةَ الْقِصَارَةِ بِالْعَمَلِ وَالْغَاصِبُ مُتَعَدٍّ بِعَمَلِهِ فَلَمْ يَمْلِكِ الزِّيَادَةَ بِهِ، وَالْمُفْلِسُ غَيْرُ مُتَعَدٍّ بِعَمَلِهِ فَمَلَكَ الزِّيَادَةَ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فصل: تقطيع الثوب المغصوب قميصاً

وَلَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَقَطَعَهُ قَمِيصًا فَإِنْ لَمْ يَخُطْهُ فَرَبُّهُ أَحَقُّ بِهِ وَيَرْجِعْ بِأَرْشِ نَقْصِهِ وَقَالَ أبو يوسف رَبُّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَدَعَهُ عَلَى الْغَاصِبِ بِأَخْذِ قِيمَتِهِ.

وَقَالَ محمد بن الحسن إِنَّهُ بِالْخِيَارِ بَيْنَ أَنْ يَأْخُذَهُ وَمَا نَقَصَ وَبَيْنَ أَنْ يَدَعَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَيَأْخُذَ قِيمَتَهُ، وَفِيمَا مَضَى مِنَ الدَّلَائِلِ فِي أَمْثَالِ هَذَا كَافٍ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَلَا يَخْلُو أَنْ تَكُونَ خُيُوطُ الْخِيَاطَةِ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَوْ لِلْغَاصِبِ أَوْ لِأَجْنَبِيٍّ فَإِنْ كَانَتْ لِرَبِّ الثَّوْبِ أَخْذَهُ مَخِيطًا فَإِنْ طَالَبَ الْغَاصِبُ بِنَقْصِ الْخُيُوطِ مِنْهُ وَفَتْقِ الْخِيَاطَةِ فَإِنْ كَانَ لَهُ فِيهِ غَرَضٌ صَحِيحٌ أَجْبِرَ الْقَاطِعُ عَلَيْهِ، ثُمَّ عَلَى دَفْعِ مَا حَدَثَ مِنْ نَقْصٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ غَرَضٌ فَعَلَى مَا ذَكَرْنَا مِنَ الْوَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَتْ لِلْغَاصِبِ فَأَرَادَ اسْتِخْرَاجَهَا مِنَ الثَّوْبِ فَلَهُ ذَاكَ وَضَمِنَ مَا نَقَصَ

<<  <  ج: ص:  >  >>