للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بِالِاسْتِخْرَاجِ وَإِنْ تَرْكَهُ فَرَضِيَ رَبُّ الثَّوْبِ بِتَرْكِهِ فَلَهُ ذَاكَ فَإِنْ طَلَبَ فَتْقَهُ وَاسْتِخْرَاجَ خُيُوطِهِ فإن كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ أُخِذَ الْغَاصِبُ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ فَعَلَى وَجْهَيْنِ، وَإِنْ كَانَتِ الْخُيُوطُ لِأَجْنَبِيِّ فَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْغَاصِبَ بِاسْتِخْرَاجِهَا وَيَضْمَنَ لَهُ مَا نَقَصَهَا وَيَضْمَنُ لِرَبِّ الثَّوْبِ مَا نَقَصَ مِنَ الثَّوْبِ، وَهَكَذَا لَوْ غَصَبَ ثَوْبًا فَطَرَّزَهُ أَوْ رَفَاهُ كَانَ الْقَوْلُ في الطراز والرفو كَالْقَوْلِ فِي الْخِيَاطَةِ سَوَاءً. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

فَصْلٌ

: وَإِذَا غَصَبَ مِنْ رَجُلٍ دَقِيقًا وَعَسَلًا وَدُهْنًا وَعَصَدَهُ عَصِيدًا أَخَذَهُ الْمَالِكُ مَعْقُودًا فَإِنْ كَانَ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ بِقِيمَةِ الْمُقَدَّرَاتِ الْمَغْصُوبَةِ مِنْهُ فَصَاعِدًا مِثْلَ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الدَّقِيقِ دِرْهَمًا وَقِيمَةُ الدُّهْنِ دِرْهَمَيْنِ وَقِيمَةُ الْعَسَلِ خَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَتَكُونُ قِيمَةُ الْعَصِيدَةِ ثَمَانِيَةُ دَرَاهِمَ فَصَاعِدًا أَخَذَهُ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ وَلَا شَيْءَ لَهُ عَلَى الْغَاصِبِ وَلَا شيء للغاصب في زيادة إن كانت بعمله وَإِنْ نَقَصَتْ قِيمَتُهُ مَعْصُودًا فَكَانَ خَمْسَةَ دَرَاهِمَ أَخَذَهَا وَرَجَعَ عَلَى الْغَاصِبِ بِثَلَاثَةِ دَرَاهِمَ قَدْرَ نَقْصِهِ فَلَوْ تَرَكَ الْمَغْصُوبُ مِنْهُ الْعَصِيدَ عَلَى الغاصب وطالب الغاصب بالبدل من أَفْرَادِ مَا غَصَبَ مِنْهُ لَمْ يَخْلُ حَالُ ذلك من ثلاثة أضرب:

أحدهما: أَنْ تَكُونَ جَمِيعًا مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ.

وَالثَّانِي: أَنْ تَكُونَ جَمِيعُهَا مِمَّا لَهُ مِثْلٌ.

والثالث: أن يكون بعضها مما لا مِثْلٌ وَبَعْضُهَا مِمَّا لَا مِثْلَ لَهُ فَإِنْ كَانَ جَمِيعُ الْمَغْصُوبِ منه لَا مِثْلَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ الْمُطَالَبَةُ بِقِيمَتِهَا مَعَ بَقَاءِ أَعْيَانِهَا وَيَسْتَرْجِعُهَا وَنَقْصَهَا. وَإِنْ كَانَ جَمِيعُهَا مِمَّا لَهُ مِثْلٌ فَعَلَى وَجْهَيْنِ ذَكَرْنَا تَوْجِيهَهُمَا، وَإِنْ كَانَ لبعضها مثل وبعضهما لَا مِثْلَ لَهُ فَلَيْسَ لَهُ فِي الْجَمْعِ بَدَلٌ، وَيَأْخُذُ أَعْيَانَ مَالِهِ مَعَ النَّقْصِ لِأَنَّ مَا لَا مِثْلَ لَهُ لَا يُسْتَحَقُّ بَدَلُهُ وَلَيْسَ يَمْتَازُ عَمَّا لَهُ مِثْلٌ فَأُجْبِرَ عَلَى أَخْذِ جَمِيعِهِ دُونَ الْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ.

[مسألة]

قَالَ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ: " وَلَوْ كَانَ لَوْحًا فَأَدْخَلَهُ فِي سفينةٍ أَوْ بَنَى عَلَيْهِ جِدَارًا أُخِذَ بِقَلْعِهِ ".

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهَذَا كَمَا قَالَ إِذَا غَصَبَ لَوْحًا فَبَنَى عَلَيْهِ سَفِينَةً أَوْ دَارًا أُخِذَ بِهَدْمِ بِنَائِهِ وَرَدِّ اللَّوْحِ بِعَيْنِهِ وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ وَأَهْلُ الْحَرَمَيْنِ وَقَالَ أبو حنيفة وَأَهْلُ الْعِرَاقِ يَدْفَعُ الْقِيمَةَ وَلَا يُجْبَرُ عَلَى هَدْمِ الْبِنَاءِ اسْتِدْلَالًا بِقَوْلِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ فَمَنْ ضَارَّ أَضَرَّ اللَّهُ بِهِ وَمَنْ شَاقَّ شَقَّ اللَّهُ عَلَيْهِ.

وفي أخذه بهدم بنائه أعظم إضرار به، وبقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " يَسِّرُوا وَلَا تُعَسِّرُوا إِنِّي بُعِثْتُ بِالْحَنِيفِيَّةِ السَّمْحَةِ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>